في مواجهة كورونا والمسؤولية الاجتماعية
أ.د. اسماعيل الزيود
03-04-2020 06:51 PM
نعلم جميعا تمام العلم بأننا نعيش اليوم ظروفا اجتماعية واقتصادية استثنائية لم نعهد مثلها سابقاً. نعلم بأن أي قرار صائب يجده المرء منَّا اليوم ثقيلا وأعلم أن النصيحة أيضا لم تعد تجدي نفعا لدى البعض وأعلم أيضاً أن أكثر الدول تطبيقا لأشد القرارات هي الأكثر نجاة وسلامة وأعلم علم اليقين بأن الشعوب التي تقبلت القرارات واستجابت للتعليمات وساندت الجهات المختصة وقبلت بالمنزالة أيضاً ظفرت بصحتها وسلمت هي ومجتمعها.
من هنا قد يجد البعض الكلام في هذه الظروف الاستثنائية ثقيلا والتوجيه أثقل؛ ذلك أن الظروف مختلفة وعمليه التكيف معها أيضاً ليست بالأمر اليسير ولكن ولأن المصلحة العامة تقتضي الصبر فإن التوجيه بالكتابة والمساندة دون ككل أو ملل سيبقى سلاحا للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر إن شاء الله.
لا بدّ أن نكون متيقنين بأن كل الأمور والقضايا الأخرى تعتبر اليوم ثانوية أمام سلامة وصحة أفراد المجتمع والدولة بأكملها أمام تنامي حالة الحرب والمواجهة مع فيروس كورونا الذي هو بإزدياد على مستوى العالم وتشكل تحدي كبير وواضح لأعتى الدول.
مما يلقي بظلاله علينا سلباً إن لم نستمر بأخذ الحيطة والحذر وتعزيز ثقافة التعامل مع واقع الحال والإذعان للقوانين وما يصدر من تعليمات بهذا الشأن.
مرة ثانية أقول بأن أي قضايا أخرى يمكن إتخاذ التدابير اللازمة بشأنها لاحقاً و لنستمر اليوم في تكريس الجهود كلها وتوحيدها لتنصب مع الدولة في الحد من انتشار جائحة كورونا. وعلينا أن لا نكون باستهتار البعض وقوداً لانتشار هذه الجائحة بشكل نصل عنده إلى عدم السيطرة والتوجيه وعلينا أن نحسن التصرف ولا نخطئ فندفع ببعض باللامبالاة.
لا مزاح ولا استهتار اليوم فالأمر كبير وجلل بالفعل إذن لنقف جميعاً خلف الدولة ومؤسسة الجيش وكافة أجهزتنا الأمنية في خندق المواجهة ضد هذا الوباء الآخذ بالانتشار عالمياً.
لنترك القرارت تدرس وتطبخ على نار هادئة قبل إتخاذها من الجهات المختصة المعنية والمسؤولة بعناية أكثر ودراسة ودقة.
لا تكونوا أنتم النشطاء في الإعلام الاجتماعي أداة هدامة أو ضاغطة بإتجاه سلبي لاتخاذ قرارات سريعة متسرعة عرجاء بل إدفعوا نحو الروية والعقلانية والايجابية وإشاعة ثقافة المسؤولية الجماعية الوطنية لتحقيق المسؤولية المجتمعية فالهمُّ مجتمعي ووطني.
مما تجد الإشارة إليه أن أعداد طلبة المدارس لدينا تقترب من (2.5) مليون طالب وطالبة على مقاعد الدراسة. وفي ذات الوقت تزيد أعداد الطلبة في الجامعات عاى(300) ألف طالب وطالبة على مقاعد الدراسة.
إذن هؤلاء يشكلون بمجموعه رقماً ضخماً والقرار حيالهم أيضاً صعب ذلك أن أية قرار لكل من وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي يجب أن يكون مدروساً بعناية وعمق ودراية وبتوصيات اللجان والجهات المختصة فلا يكون قرارا فرديا أحادياً أو قرارا جاء تحت ضغوطات اجتماعية معينة لا تمتلك المعرفة والمعلومة الكافية. وعليه فلا بدّ أن نأخذ بالحسبان نتائج المخالطة التي قد تحصل بين هذه الأعداد فيما إذا تم إتخاذ أي قرار غير مدروسة أبعاده بدقة متناهية فمهما كانت التدابير اللازمة من المدارس و الجامعات فلا يمكن أن تحد من هذه المخالطة ولا يمكنها أن تسيطر على الأمر من الناحية الصحية.
وإذا ما أضفنا لهذه الأعداد الكبيرة أيضاً المدرسين في المدارس وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات بالإضافة للإداريين ولكم عندها أن تتخيلوا حجم الرقم الإجمالي وأهمية وضرورة دقة إتخاذ القرار في هذه الظروف الحساسة الاستثنائية بعناية وحيادية بعيدة عن أي ضغوطات كانت.
أخيراً مؤمن أنا بالجهود الكبيرة التي تبذل اليوم وبالجهوزية العالية للدولة الأردنية أيضاً، ولكن ذلك لا يكفي بل يحتاج منَّا جميعاً الدعم والمساندة والوعي اللازم لتجاوز هذه المرحلة الدقيقة بسلام.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وأرزق أهله الخير والعافية والرخاء وحسن التدبير.