عندما طالبنا مراراً بتفعيل العمل بقانون الدفاع لم يكن المقصود الاقتراب من حقوق وحريات المواطنين القانونية والدستورية؛ وإنَّما لمحاولة احتواء الفيروس اللعين وتطبيق سياسة عزل دقيقة وفاعلة لمنع انتشار الوباء، فالرهان الوطني كبير على كل الأجهزة والمؤسسات ، والاختبار الوطني في هذا الصدد سيبقى شاهداً على مدى الدهر.
وكنا قد هللنا -وما زلنا- لنزول الجيش العربي إلى الميدان؛ لتطبيق سياسة العزل تلك، ولكن اليوم الأول خلا من التطبيق الفاعل والصرامة التي رغبنا فيها، بل على العكس شهدنا حالة من التجمهر والتدافع في البنوك ومراكز التسوق وغيرها.

كنت أتمنى أن تكون الحكومة أكثر حزماً في الخطة الواجب تطبيقها من حيث صرامة العزل للمواطنين ومنع التنقل بين المحافظات من جهة ، وضبط الأشخاص الذين تتطلب المصلحة العامة استمرار أعمالهم بضوابط صحية صارمة من حيث ارتداء القفازات والكمامات وترك المسافة الآمنة، ومراقبة التزام المحلات المشمولة بقرار التعطيل عن مدى التزامها وإلزام محطات المحروقات باتخاذ الإجراءات الصحية في تعقيم النقود وماكنات الاقتطاع الإلكتروني وارتداء عمال المحطات للكمامات الفاعلة، وتطبيق ذات الإجراءات على مراكز التسوق والصيدليات والمخابز ومحلات الغاز وغيرها.

بدون خطة منسجمة تأخذ بعين الاعتبار منع الإجازات المنزلية للعاملين في كل الأجهزة الرسمية والجمارك والعاملين في القطاع الصحي وممن يتوجب استمرار أعمالهم مع الجمهور ، وحظر التجول من الساعة السادسة مساء وحتى الثامنة صباحاً، وتفعيل منع المواطنين من مغادرة منازلهم وفقاً لتقدير الأجهزة العاملة على تنفيذ أوامر الدفاع .
أقول بدون هذه الخطة المتكاملة ستفشل الحكومة تماماً في تنفيذ سياسة العزل الصحي اللازم لعدم انتشار العدوى واحتواء مرض الكورونا الذي أنهك العالم بأسره.

نعلم جميعاً أن هذه الإجراءات قاسية، وندرك أن تطبيقها سيكون مؤلماً، ولكن المصلحة الوطنية العليا تقتضي أن نكون في حجم الحدث وأن نرتقي إلى مستوى التحدي، وأن تكون الأولوية لدينا هي اتباع التعليمات الصحية الصادرة من السلطات المختصة ؛ لأن الأمر لا يتعلق بنا وحدنا وإنما بوطن بأسره وحماية المجتمع يجب أن تكون أولى أولوياتنا، فالسلامة العامة هي الهدف السامي الذي يجب الوصول إليه بدون تهاون أو نكوص.

الصورة الناصعة للألق الوطني الذي توج بحالة التلاحم الوطني الكبير من كل المؤسسات وفي مقدمتها الجيش العربي تتوجب أن تعمل الحكومة فوراً ودون إبطاء بالوقف التام للتنقل بين المحافظات ، وحظر التجول في الحدود الممكنة، وتطبيق نظام صارم للعاملين وعليهم ، والسبب أن اسبوعين من الصبر الوطني كافية للخروج من هذه المحنة ، والجيش العربي الذي نفخر به ينتظر أوامر الدفاع لتطبيقها بدقة . وهذا يستدعي من الحكومة أن تقسو قليلاً في قراراتها حماية للوطن والمواطن ، والنجاح الملفت للأداء العام الذي قامت به الحكومة حتى الآن يستحق أن يتوج بنجاح ملفت يخدم الوطن وسلامة مواطنيه.

حمى الله وطننا الحبيب وشعبنا الطيب وقيادتنا الحكيمة من كل سوء...!!