ملفات حساسة بعد القرارات الصعبة
ماهر ابو طير
18-03-2020 04:47 PM
اتخذت الدولة إجراءات صعبة امام وباء كورونا، وهي إجراءات أشادت بها الأغلبية من المواطنين، وتدل على أن الأردن لا يتهاون امام حياة مواطنيه، وعلينا ان نلاحظ التوحد الشعبي، دعما للمؤسسات الرسمية، بما في ذلك الجيش الذي يكفيه تفردا في العالم العربي، انه لم يرفع سلاحه في تاريخه، على اهله، بل كان سندا لنا، إضافة الى الإدارة الجيدة جدا، من جانب الحكومة ورئيسها والوزراء.
هذا التوقيت ليست توقيتا لتبادل الاتهامات، او تصيد الأخطاء، او المرجلة على المؤسسات او المسؤولين، لسببين أولهما اننا امام ازمة عالمية، وليست محلية، وتحدث بشكل طبيعي جدا ثغرات هنا وهناك بسبب الارباك والإمكانات وتداعيات الازمة، وثانيهما ان التوقيت يستلزم رفع الروح المعنوية، والوقوف مع بعضنا البعض، وتأجيل نقدنا لكل شيء، فحياة الناس في خطر، والعالم كله يقف على حافة الانهيار، إنسانيا، واقتصاديا، وقد سقطت دول عظمى وكبرى امام هذه المحنة، وثبت ضعفها وهشاشتها، فلماذا نحمل الأردن فوق ما يحتمل في هذا الظرف؟!.
هناك ملفات لا بد من التنبه لها، أولها ان مئات آلاف الأردنيين في الأردن يعيشون من حوالات خارجية، تتنزل على حساباتهم المصرفية، في البنوك، او عبر حوالات محلات الصرافة، ولا بد من حل يسمح لموظفي الحوالات في البنوك بالدوام لتنزيل الحوالات الواردة، للأفراد والمؤسسات، إضافة الى السماح لمحلات الصرافة ضمن ترتيب زمني بتلقي الحوالات ودفعها، والمشكلة هنا ان عمل محلات الصرافة يرتبط بالبنوك بسبب حوالات محلات الصرافة الداخلية والخارجية، وكل القصة تأخذنا الى مصير مئات آلاف الأردنيين الذين يعيشون عبر الحوالات، وهذا الملف يجب ان يتم إيجاد حل له، حتى لا نجد انفسنا امام ضرر كبير.
أيضا لدينا القطاع التجاري الذي يعاني أساسا من الإيجارات المرتفعة، والاغلاق لمدة أسبوعين، وهي مدة قد يتم تمديدها، وقد لا يتم تمديدها، مما يفرض التنبه الى مئات آلاف المحلات التجارية، وقدرتها على دفع الإيجارات، فيما هي لم تعمل ومغلقة، وللأسف الشديد فإن تعاون ملاك العقارات سيكون منخفضا جدا، إما لوجود التزامات مالية عليهم، او لكونهم لا يأبهون، وهنا لا بد على الجهات الرسمية إيجاد حل لتخفيف الخسائر، حتى لا تفلس المحلات التجارية، ويتم التخلي عن الموظفين.
أشير أيضا الى ان أهمية مراجعة ملف المسؤولية الاجتماعية، من جانب الافراد والشركات والمؤسسات، فالدولة لا تتسول من أحد، وعلينا ان نفتح عيوننا جيدا على كل من يقف مع الأردن وشعبه هذه الفترة، خصوصا، ان هناك أسماء كثيرة من افراد ومؤسسات جمعت المال من هذا البلد، فأين هي اليوم، ونحن في ازمة، أمام خزينة تعاني من مشاكل مالية، ولماذا يعتبر كل واحد فيهم، أن لا صلة له بما يجري، وكأن هذا البلد مجرد شقة مفروشة للإيجار، وقد آن الأوان أن يتم تصنيف وفرز من يقفون مع بلدهم، ومن يخذلونه، خصوصا، في ظل احتياجات الصحة؟
الملف الرابع وهو الأكثر صعوبة يتعلق بمئات آلاف الأردنيين الذين يعيشون من العمل اليومي، من سائقي سيارات الأجرة، او عمال البناء، او غيرهم، ولدينا قطاع كبير يعيش من العمل اليومي، وهؤلاء بسبب القرارات سيتعرضون الى تدابير مختلفة، تمنعهم من التحرك، حرصا على حياتهم، وهذا ملف معقد كون الحلول المتاحة فيه محدودة، في ظل العدد الكبير، وعدم وجود آليات لمساعدتهم.
الملف الخامس يرتبط فعليا بدور قطاعي الصحة والاعلام، إذ إن الإعلام المحترف الذي تم إهماله وإضعافه، لصالح الفلتان أحيانا في وسائل التواصل الاجتماعي، هو الأهم، وقد رأينا كيف يتم بث الاشاعات، والتلاعب بالرأي العام، ومس الروح المعنوية، وإذا خرجنا من هذه الازمة بإذن الله فإن ملف الإعلام يتوجب مراجعته واعتباره الأولوية، مع قطاع الصحة الذي يعاني أساسا من إشكالات مزمنة .
نحن من سيقرر الخروج من هذه الازمة، بالعزل والابتعاد عن التجمعات، والاختلاط، وهي أزمة ستمر نهاية المطاف، وستترك خلفها عبرا ودروسا.
(الغد)