مع من تقف ؟ مع كورونا التي عطست في وجوهنا أم مع سلامتك وسلامة الناس والبلد..؟ إذا كنت من الصنف الأول، سواء بقصد او بدون قصد، فقد أصبحت مكشوفا : ها أنت الان تبث الاشاعات دون ان تتحقق من الاخبار التي تبعثها في كل اتجاه ، ها أنت تشكك بكل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتحاول ان تتصيد في المياه العكرة ، ها انت تبث الرعب والخوف في قلوب الناس . انت مثل «كورونا « تماما ، وربما اخطر منه، تتسلل الى خلايا المجتمع ، وتحاول ان تهاجم مناعته الوطنية وتماسكه الاجتماعي ، وتعيق حركة المقاومة والصمود لديه .
لا يحتمل بلدنا في هذه المرحلة ان تنحاز لانانيتك ، او ان تصفي حساباتك مع الاشباح الذين يتشاكسون بداخلك، يجب ان نعترف بان ما فعلته الدولة بكافة أجهزتها من إجراءات حتى الان يستدعي الاطمئنان والاحتفاء معا، لكن هذا العمل لا يمكنه ان يكتمل دون انضباط المجتمع ، ودون بروز الصنف الثاني الذين اشرت له سلفا، وهو من يقف ضد الوباء ، هنا لابد ان يتحرك الضمير العام للمشاركة في المعركة : الموسرون بأموالهم وتبرعاتهم ، الاعلاميون بالبحث عن الحقيقة والتزام المصداقية والدقة والمهنية ،علماء الدين بتوجيه السلوك العام نحو مقاصد الدين والوطن أيضا ،الخبراء والاطباء لتنوير الراي العام بحركة الوباء ووسائل الوقاية منه .
هذه الازمة العابرة امتحان لنا جميعا، للحكومة التي تريد استعادة جزءا من الثقة المفقودة ،وقد استعادتها فعلا بفضل إجراءاتها وحركة المسؤولون فيها ، وابرزهم الرئيس ووزيرا الصحة والاعلام وزملاؤهم الذين اثبتوا انهم على قدر المسؤولية، وامتحان للمجتمع بكافة افراده ومؤسساته ، حيث المطلوب منه المزيد من الالتزام والانضباط ، والتحرر من الخوف والرعب ، والخروج عن المألوف، والارتقاء الى مستوى الفعل الوطني الذي يستلزم التضحية والعطاء، والاحتشاد خلف المقررات الرسمية مهما كان لديه من المبررات والانتقادات لها .
ننتصر جميعا او نفشل – جميعا – لا سمح الله ، هذه هي المعادلة التي يجب ان نواجه بها هذا الوباء ،ولن نتمكن من الانتصار الا بمنطق « الجندية « ، حيث التخطيط والالتزام وسرعة التنفيذ ، وحيث الحفاظ على المعنويات ورفع الهمة وانتعاش الروح الوطنية ، وحيث الجبهة موحدة ومنسجمة وبلا أية ثغرات قد ينفذ منها « فيروس « من هنا او هناك .
شكرا للدولة الارنية فقد افرزت افضل ما لديها من قيم ، وقدمت ارقى نموذج يمكن ان تقدمه دولة في العالم سواء في خدمة أبنائها ، او في العمل الدؤوب من اجل التماسك والتصميم على مواجهة أي خطر يهددنا .
هذا الأردن الي كشفه كورونا هو الأردن الذي نعرفه، وطن يستحق الاحترام والاحتفاء والاعتزاز والتضحية من اجله بكل شيء .
الدستور