العالم في عزلة، وحصار كبير، والعالم تحت الحجر . كورونا اخترق القارات، واجتاح تقريبا كل بلدان العالم، الحدود الجوية و البرية مغلقة. فليس هناك بلد على الكرة الارضية خال من الكورونا . الاقتصاد العالمي مشلول، وفي اوروبا واسيا صرخات حكومية لتأسيس صناديق طوارئ، و فرنسا تقول مستعدون لتأميم الشركات.
مشهد تراجيدي، ولم يكن احد يتخيل أن العالم في القرن الحادي والعشرين، وعصر التكنولوجيا السلاح النووي وحاملات الطائرات والقوى العسكرية الامريكية والغربية، وغزو الفضاء، والعالم السبراني، ونظرية التفوق الامريكي والغربي، وثقافة السوبرمان ورامبو، وباتمان، وحتمية النصر و التفوق الامريكي والغربي.
ليس هناك رواية ثابتة حول كيفية نشوء فايروس كورونا. والاصوات تتضارب بين واشنطن و بكين. وبلا شك رغم العلة والخوف العالمي الا ان هناك ما يخفي تجاذبا وصراعا بين مراكز القوى العالمية والاقتصادات الكبرى. من بداية انتشار الفايروس امريكا لمحت بتصريحات مباشرة وغير مباشرة الى ان الصينيين لم يتعاملوا مع الفايروس بشفافية وموضوعية وعلمية كافية .
ولربما ان الرد الصيني جاء بطريقة غير مباشرة إذ تحدث مسؤول في الخارجية الصينية وتلاه تصريحات مشابهة لجنرال في الجيش الايراني اتهم واشنطن بانها تشن حربا بيولوجية على خصومها.
شدة السجال بين واشنطن وبكين اشتدت مع تفشي الفايروس في العالم. ولربما ان الفايروس في اللحظة الراهنة قد خرج من العباءة الصينية، وتحول الى موضوع مدرج على جدول اعمال العالم من شماله الى جنوبه.
مسوؤل امريكي في بدايات ظهور الفايروس وصفه بـ (تشرنوبيل الصيني)، ولكن الامر فيما بعد خرج عن الجغرافيا الصينية، ووضعت الكرة الارضية من الشمال الى الجنوب في تحدي ومواجهة الفايروس.
ترامب المشغول في حملته الانتخابية لم يكن قابض قضية الكورونا بجدية. واتسم تعامل واشنطن باللامبالاة، ولكن بعدما تفشي الفايروس بلا رحمة وارتسمت الكارثة الصحية، عرفوا ان الفايروس حق.
فرضية الحرب البيولوجية غير مسبوقة في الحروب والصراعات العالمية. ولربما أنها بحاجة الى تدقيق وتمحيص شديد، وحتى ولو أنها حقيقة ستكون سابقة خطيرة للغاية في العلاقات الدولية والنظام العالمي، و تنذر بانهيار وتهديد للاستقرار والسلم العالميين.
كورونا دخل كل البلدان. والوباء غير مسبوق. ولربما اخطر ما في مراحل مواجهته أن العالم حتى الان لم يكتشف علاجا للفايروس. كورونا يخفي صراعا سياسيا ساخنا بين مراكز القوى العالمية من واشنطن الى بكين ، صراع استراتيجي واقتصادي وتنافس مسعور على قيادة العالم اقتصاديا.
العالم في زمن كورونا باختبار عسير، والعالم يواجه تحديا لصمود صلاحية الانظمة السياسية والحكومات المحلية والمنظمات فوق وطنية، و تحد لصمود الاقتصاد العالمي. ومن جانب اخر فان العالم في مواجهة وتحد مع اخلاقه وقيمه وانسانيته.
(الدستور)