في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها الاقتصاد العالمي ونحن جزء لا يتجزأ منه أغلقت العديد من مرافق الحياة لمنع التجمعات وبالتالي الحد من انتشار المرض مما أنهك العالم والحكومات في شكل خسائر اقتصادية كبيرة. كذلك المرافق الاقتصادية وبخاصة بورصة عمان مرآة الاقتصاد حيث تتداول ملكيات الأردنيين في الشركات المساهمة احتاجت للرفق بها من هذا المرض الصحي الاقتصادي الذي سبب الهلع لكل بورصات العالم.
هناك إجراءات نحتاج لاتخاذها لتقليل الضرر الذي قد يصيب سوق الأوراق المالية، حيث التداول الحالي مبني على الهلع ولا يعتمد على معطيات اقتصادية متينة سواء متوسطة أو طويلة التأثير، لذلك الغمة الحالية غير عادية تستوجب إجراءات غير عادية تتبعها البورصات في مثل هذه الحالات وهي ضرورية للحد من البيع الجارف.
تبدأ هذه الإجراءات بوقف التداول لمدة 15 دقيقة في اليوم بمجرد اتجاه الأسعار إلى الانخفاض الحاد بالحد الأدنى حيث للأسعار أرجوحة يومية لها حد أقصى للارتفاع وحد أدنى للانخفاض، هذا الإيقاف المؤقت في حاله التدهور السعري يسهم في تهدئة النفوس وفيه مجال لإعادة النظر والحد من انجراف الأفراد والمحافظ للبيع.
هذه الخطوة إن لم تكن كفيلة بكبح الجماح لحقها إجراء بتعديل هامش الانخفاض بحيث لا يزيد الحد الأدنى المسموح به للانخفاض اليومي عن نسبة صغيرة مقيدة ، وذلك بهدف الحد من تدهور الأسعار غير المبرر، وإذا لمست إدارة البورصة أن التذبذب حاد بمعنى هناك تأرجح إلى الحد الأدنى يليه تحليق الى الحد الأقصى دون مبرر، وجب التدخل في الحد الأعلى المسموح به ارتفاعاً وفق نفس الآلية بحيث لا يسمح بالارتفاع إلا بذات النسبة المقيدة، أما إذا كان الانخفاض هو سيد الموقف، عندها يبقى هامش الارتفاع كنسبة دون تغيير.
هذه الإجراءات تهدف لتنظيم السوق في وقت الأزمات وهي ضرورية لاستمرارية الأعمال وجزء من إدارة المخاطر التي يفترض أن توصي بها لجنة المخاطر المنبثقة عن مجلس الإدارة مسبقاً إلى مجلس إدارة البورصة ومن ثم لمجلس مفوضي الهيئة وفق خطة معدة مسبقاً ووفق ما تقتضيه الممارسات الحديثة في الحوكمة، ولا تعتبر تدخلاً في قوى العرض والطلب حيث من يرغب بالبيع يستطيع الانتظار وبالتالي التفكير والتريث وربما تتجه الأمور نحو التحسن.
أخيرًا إذا اتضح استمرار التدني والانخفاض ووجود كميات كبيره ما زالت تعرض للبيع دون مبرر اقتصادي أو فني وجب دراسة إغلاق البورصة وتداولها لحين اتضاح الرؤية وهذا ليس بخارج عن المألوف وهو ممارسه سليمة أقدمت عليها البورصة والهيئة وباركها مجلس الوزراء فلهم جميعاً ترفع القبعة.
الخطط الحكومية بمنع التجمعات و إغلاق الحدود وغيرها مما يتطلبه الحفاظ على الصحة العامة احتاجت لإجراءات موازيه للحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني هذه إحداها.
أما التكاتف الاقتصادي والتبرع من القطاع الخاص في ظل محدودية الإمكانيات الحكومية فهو ضرورة، فقد شهدنا مساهمات مشكورة لكنها محدودة والأمر يتطلب فزعة وطنية مالية تضخ السيولة في شرايين الاقتصاد لتجنب دخولنا في انكماش.