مع الأسف تنتشر الإشاعات عند الأزمات كالنار في الهشيم، وأسبابها ومسبباتها كثيرة، لكننا هنا سنتحدث عن الإشاعات المصاحبة لفايروس ووباء كورونا كحديث الساعة وتطوراته المذهلة على مستوى العالم، ومع ذلك فإن الإشاعات المصاحبة لهذا الفايروس في وطني الأردن تكاد تكون الأكثر عدداً وتنوّعاً، والمصيبة الأكثر أن منصات التواصل الإجتماعي ساهمت في تأجيج الإشاعات أكثر وأكثر، واليوم نحن أمام الواقع لظهور بعض الحالات هنا وهناك كشيء طبيعي، لكن حالات الهلع والخوف المصاحبة لذلك تكاد تكون غير مبررة إذا ما تم الأخذ بالأسباب:
1. الأصل في إستقاء المعلومة من مصادرها الرسمية لغايات معرفة الحقائق والبيانات والإحصاءات وحجم الإنتشار وغيرها، وفي ذلك تبيان للحقيقة وتحرّي ومصداقية دونما أي مجال للشك أو التحريف أو التأويل.
2. للأسف ينبري البعض ليفتي دونما أي تخصصية أو معرفة أو تخويل رسمي مما يساهم في تضليل الرأي العام ويساهم في بث سموم الإشاعة الهدّامة والمرعبة أحياناً، وما على الناس في هذه المواقف إلّا تحري الحقيقة والتأكد من المصدر وعدم المساهمة في بث هذه السموم وكذلك كبح جماحها من خلال بترها وإيقاف إنتشارها.
3. وسائل ومنصات التواصل الإجتماعي مع الأسف ساهمت هي الأخرى كوسيلة يستخدمها كثير من الناس لإرضاء فضوله أو إسقاط أمراضه الإجتماعية أو جهلاً أو عن غير دراية أو حبّاً في الظهور أو سعياً لبطولات وهميّة أو سعياً لإبتزازات أو عزفاً لأوتار أو ترسيخاً لغاية في نفس يعقوب أو غيرها، مما يساهم في نشر كثير من الإشاعات التي لا يُحمد عقباها حول فايروس كورونا أو غيره.
4. بطولات جديدة بدأنا نلحظها تطفو على السطح من خلال بث فيديوهات مصوّرة أو رسائل صوتية مُسجّلة أو رسائل نصيّة أو وسائل متعددة جلّها ترمي لدس السم بالدسم أو حبّاً في التشدّق أو الظهور على حساب الوطن، وفي بعضها خصوصيات للناس وإظهار صورهم أو حديثهم أو أخبارهم دونما إلّا ولا ذمة، وفي معظمها وربما عن غير علم في ظاهرها نصائح وفي باطنها فضائح ودسائس وإشاعات.
5. المصيبة الأكبر فبركة الأخبار الكاذبة وتلفيقها وإغتيال الشخصيات والمؤسسات الوطنية وإختلاق الأقاويل والإشاعات دونما مهنية صحفية، لأن الأصل إستقاء المعلومة من مصدرها دونما أي تأويل أو إشاعة، ومع الأسف بعض المتابعين يساهموا في قذف ورجم الضحايا دونما أي معرفة أو أدلّة، والبعض لمآرب ومصالح شخصية يبيع الوطن بثمن بخس، والبعض أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، والبعض يمارس الإصطفافات والتجييش لغايات المناكفة والدعم فقط، وغيرها الكثير.
6. والمُضحك المبكي هذه الأيام إستخدام مبدأ السخرية والنُكات في سبيل إيصال رسائل وإشاعات باتت مملة وربما مُقزّزة، وهذا الأسلوب يؤشّر لهمز ولمز، وهو مُضلل وناعم في ظاهره لكنه يحمل المكائد في باطنه، ويؤشر لإستهتار وعدم جديّة لدى البعض ممن لا يعنيه الشأن العام ومصلحة الوطن.
7. مطلوب من جميع المواطنين الإلتزام بالقرارات الحكومية الرسمية بما يخص وقف التجمعات العامة ومحاولة البقاء في المنازل قدر الإمكان لغايات العزل والحجر المنزلي والذي ثبت بأنه أنجع وسيلة لمحاربة الفايروس والقضاء عليه، بيد أن المُخالطة بين الناس هي السبب الرئيس في سرعة إنتقال الفايروس.
8. مطلوب من المواطنين إظهار مواطنتهم الصالحة في وقت الأزمات والمواقف التي تتطلب أن نكون في خندق الوطن، وهذه المظاهر الإنتمائية والتربوية الصالحة هي الأساس في كل الأوقات فكيف إن كان الوقت وقت أزمات؟ ولهذا فإننا نعوّل على درجات وعي المواطنين لدرء هذا الوباء.
9. مطلوب ميثاق شرف مهني وأخلاقي يقضي بعدم نشر الأخبار المضللة والكاذبة أو الإشاعات الهدّامة أو أي معلومات غير رسمية أو غير دقيقة، ومطلوب إحترام خصوصيات الآخرين، ومطلوب إتباع التعليمات والتوجيهات الحكومية للحفاظ على السلامة العامة، ومطلوب النشر الإيجابي وبتر الأخبار المضللة والمفبركة والإشاعات، كل ذلك لغايات الحفاظ على سمعة الوطن ومنجزاته الوطنية.
بصراحة: أعانك الله يا وطني على حجم التحديات التي يساهم بها البعض من حيث يدري ولا يدري، والأخبار المضللة والإشاعات في زمن كورونا هي إحداها، فالحذر الحذر لأننا كلنا في مركب واحد ومصلحتنا الوطنية فوق كل إعتبار، ومطلوب من الجميع الوقوف في خندق الوطن في هذه الظروف العصيبة والصعبة التي تجتاح العالم بأسره، والشكر من القلب لكل الأجهزة الطبية والأمنية والمؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية والذين يعملون دونما كلل أو ملل، فالوطن بحاجة للجميع في ظل هذه الظروف، ويحتاج الوطن منا أن نقف لجانبه وفي خندقه بدلاً من أن نطعنه بالخاصرة ونُكثر الطلبات والإشاعات، فمواطنتنا الصالحة حان وقتها!