مازن البشير رفع الله بالخير ذكره
د.مؤمن سليمان الحديدي
16-03-2020 01:40 PM
عند انتهاء عزاء المغفور له بإذن الله مازن البشير طالعت الشكر الذي نشره الأهل في الصحف ورأيت أن صياغته لم تكن عادية بل كانت تليق بالمناسبة وبالفقيد لقد حمل اعلان الشكر افكارا ورسائل ايجابية تماما كما هي كلمات مازن البشير التي كان يلقيها في حفل افتتاح اي نشاط علمي اثناء حياته، لقد تعودنا منه على قول كلمات تترك نقشا على جدار الدماغ وتحض على عمل الخير فاختار اهل مازن بيت شعر يقول
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها .....الا التي كان قبل الموت يبنيها
نعم لقد بنى مازن البشير دارا من العطاء قبل الموت وكان ناسكا في محراب العمل يعبد ربه كما يجب ان تكون العبادة في اعمار الارض ونشر قيم العطاء.
لقد كانت حياته قبل الموت زاخرة بالعطاء وكذلك كان رحيله مليئا بالعبر، فكل من حضر حشد الوداع او مجلس العزاء كان يحكي حكاية من حكايات الخير عرفها عن مازن رحمه الله ، فحدثني اللواء الطبيب سليمان العبادي أحد خبراء طب الأسرة والعناية الحثيثة اثناء تشييع الجنازة عندما استعاد هو الذاكرة زمن تاسيس جمعية طب الاسرة في نقابة الاطباء قبل ما يزيد على ربع قرن وكيفية اصرار المرحوم على وضع اساس لهذا التخصص الذي اختاره مسيرة لحياته مع رفيقة دربه الدكتورة فريهان البرغوثي حتى لو كان عدد الاطباء في ذلك الوقت لا يزيد عن اصابع اليدين، وتذكرمحدثي ايثارمازن و رغبته في ترك رئاسة الجمعية يقابلها اصرار المنتسبين على قيادته. وخلال الجنازة أيضا التي تمت في اجواء شتويه ماطرة الى جوار النبي يوشع في السلط رجعت بي الذاكرة نحو اربعة عقود ونيف حين حضر المرحوم وشقيقه الدكتور عوني الى مصر وانضما معا الى قافلة دراسة الطب وكانا مثالا للتواضع والمثابرة والجدية في الدراسة والعمل مرآة لسلوك والديهما، واستذكر أيضا تنوع خبراته من خلال حياته العملية في عيادته وفي ادارته الراقية للمستشفى الاستشاري المتميز وفي نفس الوقت عدم ترك العمل الخيري الانساني وفاءا لمسيرة والدته وهي المثال الرائع في العطاء فسماها من حولها بسيدة العمل الانساني فهي سيرة ومسيرة بارك الله في عمرها وعطاءها واذكرها رائدة ومؤسسة لجمعية الاسرة البيضاء لإيواء كبار السن وجمع التمويل من خلال أعمال بسيطة منها ادارة مقصف لبيع الساندويتشات في مستشفى البشير وأذكرها تعمل بيديها وبنفسها وكانت هي زوجة فقيد وزارة الصحة عام 1978 تعمل هي والمرحومة الفاضلة ام طالب الرفاعي زوجة ضياء الدين الرفاعي غفر الله لهما.
نعم كان مازن البشير مليئا بالطاقة وكم ادهشني مشاركته في تاسيس جمعية الملاذ الخيرية في العام 1993 وهي جمعية معنية بالمرضى المصابين بمرض عضال ميؤوس منه وكيف كان القائمين على الجمعية قناة وجسرا للخير بين الناس يساعدون في توفير الكراسي المتحركة والسرير الطبي والمعينات الحركية لمن يحتاجها نعم كان عمل مازن صعبا لانه يرتبط بالتاسيس واختياره الاعمال التي تركها وعزف عنها غيره لذلك كله ادعو الله أن يحتسب أعماله في ميزان حسناته فأعماله حصيلة جهد وعمل غير منقطع. هذا هو مازن محمد عبد الرحمن البشير لذلك لم اتفاجأ بحجم المشاركين في الجنازة وحجم المعزين وفوق ذلك كله تشريف جلالة أبا الحسين منزل الفقيد لبث الروح المعنوية لوالدته وزوجته وابنائه . هكذا تكون الحياة وهكذا يكون وفاء شعبنا وبوصلته وفاءا للعطاء فحياة مازن مدرسة .
وأنهي بالقول لعل قول الله تعالى ينطبق عليه ﴿ على الأرائك متكئين ﴾
زال التعب ، و تمّ النعيم ، فطَاب الإتكاء .ويبقى الموت عبرة لمن استمر على قيد الحياة فمن الناس من يذهب بصمت دون ان يذكره أحد ومنهم من يذهب بجسده في مشهد مهيب مودعا من اصدقائه وعشيرته ومحبيه وتبقى ذكراه في نفوس الناس. نعم مازن كان يشع عطاءا وخيرا لوطنه ومجتمعه هكذا يرحل الابطال ••