كورونا انعطافة خطيرة في تاريخ البشرية. العالم اقترب من إقرار فشل النظام الدولي، والعجز البنيوي لمواجهة فايروس مستجد، وارباك مؤسسات بيروقراطية محلية وفوق السيادة المحلية للدول كالأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في التعامل مع قدر مرضي فايروسي يهدد البشرية ووجودها.
في الإطار التاريخي، ثمة سؤال يطرح ماذا بعد الكورونا؟ وهل ستكون بذرة خصبة ورطبة لانهيار النظام الرأسمالي العالمي المتوحش والمتغطرس؟ وهل وصلت الرأسمالية والإمبريالية المعولمة الى نهاية الطريق؟ العالم لم يعد ممكنا ان يقاد بالافكار والادوات والطرق القديمة.
مصطلح الدولة، كما يبدو في غمرة الكورونا فإنها مفهوم متهالك وبائد وفاشل ل»سلطة عارية «. وكيف اوصلت الرأسمالية والامبرالية المعولمة الدولة الوطنية الى الاستبداد الفاشل والعقيم، وما نراه عابرا للأوطان من شمال الى جنوب الكرة الارضيّة.
سفينة نوح، فلا يعرف العالم متى يغرق؟ ولا كيف ينجو؟ فهل نصحو لنجد أنفسنا على متن سفينة مثقوبة في عرض المحيط؟ قاطرة التاريخ تقول ان العالم بعد كورونا سيكون مختلفا.
حربان عالميتان: الاولى والثانية في القرن العشرين لم يغيرا من وجه التطور الرأسمالي اللاعادل والمتوحش. ولربما تكون الكارثة الفايروسية اقوى من حرب عالمية ثالثة. وتجد البشرية نفسها في وجه عاصفة كارثية. مئات الاف الاصابات، وعداد الموتى لا يتوقف، وانهيار لاقتصاديات، وتعرية لسياسات وانظمة الرعاية الاجتماعية والصحية في العالم برمته، والاقتصاد قد يتحول في لحظة الكارثة الى وحش يفترس الجميع.
نهاية التاريخ والانسان الاخير حتمية ليست ليبرالية - رأسمالية وفقا لادبيات فرانسيس فوكوياما الذي يعد من اهم مفكري التيار المحافظين الجدد في امريكا. الرأسمالية تواجه أكبر ازمة في تاريخها ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، ومن بينها الفجوة الاقتصادية العميقة بين الدول والشمال والجنوب، وقلة قليلة تستحوذ على
99 % من ثروات الدول والعالم.
وجهة نظر واقعية. الرأسمالية ليست قدرا حتميا. ودول العالم تحاول الخروج من عباءة النظام العالمي وسطوة الرأسمالية وفردوسها الاسود، والتبعية لمؤسسات الرأسمالية الكلاسيكية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي ابتعلت اقتصادات العالم والبقاء للاكثر قدرة على السيطرة والاستحواذ والابتلاع.
دول العالم تعيش حالة اقتصادية من حتمياتها التكيف مع حكم الاقدار المالية، واذلال القروض. اقدار متوحشة حولت من مؤسسات البيروقراط المحلية لجابٍ ووسيط مالي وضريبي للبنك الدولي والمؤسسات الرأسمالية الكبرى.
لحظة الكورونا ليست عابرة، وفيما بعد تؤسس لعالم جديد. لتغيير رديكالي لدور الدولة لتكن تعمل لصالح المواطنين، ولا تخوض حروبا بالوكالة لحماية مصالح مؤسسات المال العالمي، ولا تتعامل بمبدأ السيادة الهتلرية، والتهاون في الواجب والمسؤولية الاجتماعية والرعاية الخدماتية. من الكورونا يمكن القول ان واحدا من مخالب الراسمالية قد تعرى وسقط وانفضح، والبقية على الطريق.
الدستور