بعد ساعات على إعلان الحكومة حزمة من الإجراءات المشددة لمنع انتشار فيروس كورونا في الأردن والاحتفال بتعافي المصاب الوحيد، أعلن وزير الصحة سعد جابر تسجيل ست حالات دفعة واحدة، وبهذا الإعلان يكون الأردن قد دخل مرحلة جديدة من المواجهة مع الفيروس وصفها الدكتور جابر بمرحلة الاحتواء.
مصدر الحالات خارجي، فمعظمها لسياح أجانب، لكن مخالطتهم لأردنيين في الفنادق والأماكن العامة، ترجح انتقال العدوى، ولذلك علينا منذ اليوم أن نستعد لتسجيل مزيد من الحالات.
هل يعني ذلك أننا في الطريق للانضمام إلى قائمة الدول الموبوءة من حولنا؟
ليس مستبعدا، فالأمور في دول الجوار كما صرح رئيس الوزراء تمضي من سيئ إلى أسوأ، وقد نكون أمام مرحلة حرجة في المستقبل.
الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في وقت مبكر، ساهمت في إعاقة وصول الفيروس للأردن، لكن ذلك لم يمنع تسلل أشخاص يحملون الفيروس دون ظهور الأعراض عليهم. لربما كانت إجراءات الفحص في المطارات والمعابر غير مكتملة، وهذا ما يفسر اكتشاف إصابة أربعة سياح فرنسيين بعد وصولهم الفندق بوقت قصير.
حزمة الإجراءات الثانية التي تبنتها الحكومة أول من أمس جاءت أكثر صرامة وشدة، وقد وصفها الوزراء بأنها قاسية جدا، وهي كذلك، ووضعت الأردن في خانة الدول المعزولة عن العالم، كما هو حال عشرات الدول الكبرى والصغيرة.
عزلة ستدوم أسبوعين، وهي فترة حاسمة لاختبار قدرتنا وحظوظنا أيضا في التغلب على الفيروس كما قال وزير الصحة.
أسبوعان حاسمان إذن، نجاحنا في التغلب على الفيروس سيعتمد إلى حد كبير على سرعة تقصي الحالات المخالطة، واكتشافها ومتابعتها طبيا قبل أن تنقل العدوى لغيرها. وهذا يتطلب توفير التجهيزات الطبية اللازمة لإجراء مزيد من الفحوص، ومحاصرة وعزل البؤر التي سجلت فيها الحالات الجديدة، والالتزام بالإجراءات الصارمة في المواقع العامة ومنع التجمعات بكل أشكالها، وخفض معدلات الحركة في المواقع والأسواق، والتوسع في نظام العمل المرن.
منطقة البحر الميت على سبيل المثال التي تم اكتشاف الحالات الأربع فيها، ينبغي عزلها بالكامل ومنع الوصول إليها أو مغادرة أحد من العاملين والمقيمين فيها قبل التأكد من خلوهم من الفيروس.
تعليمات منع الأراجيل على سبيل المثال دخلت حيز التنفيذ قبل يومين، لكن على ما يؤكده الكثيرون ليس هناك التزام جدي فيها من قبل أصحاب المطاعم والمقاهي.
خلية الأزمة تعمل على مدار الساعة، ومنذ تولي المركز الوطني للأزمات إدارة العملية، شهدنا تطورا نوعيا في مستوى الأداء، وتناغما عاليا بين أجهزة ومؤسسات الدولة، وقد خلق ذلك شعورا عاليا بالثقة لدى المواطنين، تجلى في دعم قطاعات واسعة لقرارات الحكومة.
ومن الناحية العملية يمكن القول إن الحكومة في هذه المرحلة، هي بالمعنى العام حكومة أزمة، متفرغة بالكامل للتعامل مع التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لأزمة كورونا، بوصف آخر “حكومة كورونا”، فقد تمكن هذا الفيروس اللعين من تعطيل حكومات كبرى حول العالم، وشل مئات ملايين البشر.
كانت توقعات علماء المستقبليات أن كارثة العالم المقبلة هي فيروسات تضرب أنظمة الدول الإلكترونية وتتسبب بكوارث وقد تؤدي لحرب نووية، لكن القدر فاجأنا بفيروس يضرب البشر لتغدو الشبكة وسيلتهم الوحيدة للتواصل.
الغد