نحن من اقل الشعوب احتراما للوقت ، بل ونعاني من فائض في ساعات اليوم الواحد ونتمنى لو ان اليوم يختصر الى ثلثي وقته الحالي ، حتى يكون الراتب سريعا وتنقلب الايام المريرة بسرعة اكبر.
وحدها وزارة التربية والتعليم دون الوزارات ، تمارس طقس الوقت المحدد واحترامه لاخر قطرة من عقارب الثواني ، وتمارسه حصريا على طلبة الثانوية العامة الذين يرزحون واهاليهم تحت ضغط نفسي لا يحتمل ، رغم ان الوزارة وليعذرني وزيرها الطازج تعاني من بيروقراطية مرعبة ، ومن نمطية ممجوجة تكفي لابطاء سرعة الكون برمته ، واذا قيّض لك زيارة وزارة التربية والتعليم بصحبة مراجع فستشعر بكمية الوقت المهدور على قارعة المعاملات وقارعة الهواتف التي لا ترد وقارعة الدوسيهات المهملة مثل اعقاب السجائر.
امس اشتكى طلبة الثانوية بمرارة من قصر وقت امتحان مبحث الرياضيات رغم يسر الاسئلة ومراعاتها لمستويات الطلبة المتباينة ، وكأن ثمة رغبة لدى الوزارة في التضييق على الناس اكثر مما هم فيه من ضيق وضنك فإذا قيّض لهم الافلات من صعوبة الاسئلة فيسعتقل فرحهم ضيق الوقت: فتمارس عليهم طقسا مترهلا من الضبط والربط وكأن الدنيا سينفلت عقالها لو تم منح الطلبة ساعة زيادة في مبحث مثل الرياضيات التي لطالما كان الوقت الكافي لها ساعات ثلاث.
قصة التوجيهي في بلدنا قصة رعب وقصة عجز ، فليس مقبولا ولا معقولا ان يعجز بلد بكامل قيافته ومفكريه ومثقفيه واكاديمييه عن ايجاد بديل لهذا الرعب المسيطر على البيوت والعائلات.
وليس مقبولا ان الدول التي استوردت منا المعلمين والادارة قد انتجت بديلا لهذا الرعب تقبل به جامعاتنا على اختلاف تصنيفاتها "الاهلية والرسمية" ولا نستطيع ايجاد بديل لحالة رعب دائم يمس كل بيوت الاردنيين.
اذا كان التوجيهي في نظر حكوماتنا ثابتا لا مناص عنه ، فليكن على الاقل وقت الامتحان مريحا وقابلا لمنح الطالب فرصة كي يتنفس ويتماسك قبيل الاجابة وان يمنح الوقت اللازم لمراجعة ورقة الامتحان لا ان نأخذه غيلة وقهرا ، فنحن نتحدث عن برامج تعليمية منذ عقد على الاقل ولم نر الوزارة مستعجلة ومنضبطة بمواعيدها مثل موعد امتحان التوجيهي.
ونتمنى ان تلتزم الوزارة بمقولة الشاعر "فليسعف القول ان لم يسعف الحال" ، علها في ذلك تخفف من اضرار التوجيهي الذي يخطف منا سنويا عشرات الضحايا اما بحوادث فرح عيارات النار واما بالانتحار.
omarkallab@yahoo.com
الدستور