المطلوب في الظروف الاستثنائية
د. أحمد يعقوب المجدوبة
15-03-2020 12:26 AM
ظروف التعامل مع فيروس كورونا الآن، وبالذات بعد إعلانه وباءً عالمياُ، أضحت ظروفاً استثنائية.
محظوظون نحن في الأردن بخلو المملكة رسمياً من الحالات المصابة بهذا الوباء.
وهذه نعمة نحمد المولى عليها، وتُعزى جزئياً لحسن التعامل مع الأمر، رسمياً وشعبياً.
لكن المطلوب الآن مزيد من الحرص والحذر، ومزيد من الانضباط.
موضوع الانضباط موضوع حاسم، سواء في الظروف العادية أم الاستثنائية.
في الظروف العادية هو مؤشّر مهم على حضارة الأمم ورقيّها.
فالشعوب المتقدمة تتسم بالالتزام بالقوانين والأعراف والسنن الحميدة، والإعلاء من شأن العلم والمعلومة الدقيقة والسلوك الحضاري. أما الأمم المتأخرة فتضرب بالقوانين عرض الحائط، وتتسم بالفوضى والعشوائية، وتسيطر على تفكيرها الأساطير والخرافات.
ونحمد الله أننا أمة متحضّرة، وإن كنّا بحاجة إلى مزيد من التطوير والتحسين في أوجه عدّة لنحقق كامل المرجو.
في الظروف الاستثنائية، يصير الانضباط هو الأساس، ويتقدم على أية أولوية أخرى؛ إذ أنّ أي تساهل أو تفريط أو تقصير قد تكون له عواقب وخيمة.
في ظرف وباء كورونا الاستثنائي المطلوب منّا كثير وكثير جداً، من أجل احتواء الفيروس الخبيث سريع الانتشار، ومن أجل كسب المعركة ضده.
مطلوب نظافة مكثّفة على مستوى الفرد والجماعة، وعلى مستوى المؤسسة والمرفق، في كلّ مكان وزمان؛ ومطلوب تصفير - ولا نقول تقليل - السلوكات والعادات التي تساعد على انتقال المرض وانتشاره، مثل التقبيل والمصافحة وارتياد الأماكن المكتظة، وغير ذلك كثير.
لكن من أهم المطلوب الآن التّنبه إلى أمرين:
الأول ويتمثل في التقيد التام بما يصدر عن الجهات الرسمية من إرشادات وتوجيهات وتعليمات. في دولتنا خبراء ومتخصصون على درجة عالية من العلم والكفاءة والخبرة.
وعندما يتكلم هؤلاء ويشيرون على الناس بفعل شيء ما أو عدم فعله، المطلوب هو الانصياع التام.
ونشبه الأمر هنا بحالة الحرب، لأنها بالفعل حرب ضروس ضد هذا الفيروس اللعين؛ وفي ظروف الحرب يمتثل الناس لما يُطلب منهم امتثالاً تاماً، تماماً كما يمتثل الجندي للأوامر الصادرة عن القيادة.
نأمل أن يستمر الناس في تطبيق الإرشادات والتوجيهات الرسمية بأمانة ومسؤولية تامتين.
والأمر الثاني ويتجسد في التمسك بالمعلومة العلمية الدقيقة.
أمر الكورونا هذا هو أمر فنّي علمي طبي، ولا مجال فيه للافتراض أو الرأي أو التفلسف والتذاكي.
الأقدر على إعطاء المعلومة الدقيقة هم الأطباء والعلماء المختصون بموضوع الأوبئة والفيروسات، ويتوجب أن نستقي المعلومة الدقيقة منهم.
وعندنا والحمد لله مختصون كثر في هذا الأمر، والطب في بلدنا ميزة لافتة.
ونحذّر في عصر «الثورة المعلوماتية»، التي يتم فيها أحياناً مع الأسف تداول معلومات غير دقيقة، من المعلومات غير موثوقة المصدر والتي تُقدّم للناس على أنها معلومات صادرة عن مراكز أبحاث أو عن علماء، وتنتشر كالنار في الهشيم، ثم يثبت بعد أيام أنها معلومات مغلوطة وأنها صادرة من جهات غير مختصة.
استقاء المعلومة العلمية الدقيقة من مصدرها الموثوق وتجنب الأخذ بالمعلومات المضللة أمر في غاية الأهمية.
بالالتزام والانضباط والمعلومة الدقيقة سنكسب المعركة.
(الرأي)