هل فعلاً كان العالم بحاجة لمثل هذه الصدمة كي يفيق من غفلته؟ هل كان في سبات عميق حين انتشر هذا الفيروس دون استئذان، يبدو أنه كان بحاجة لصدمة تعيد الإنسان لإنسانيته وعقله، وها هم يسابقون الزمن ويرصدون المليارات لأجل إنقاذ حياة البشرية بعد سنوات من صناعة الموت التي تنافسوا فيها وكان نصيبنا منها نصيب الأسد؛ فهل تلغي هذه الصدمة سباتنا وعاداتنا وأفعالنا السيئة؟ وهل يتذكر العالم ما قارفته افعاله من قتل وتشريد وتدمير في عالمنا العربي؟
وصدمتنا ما زالت تتماهى بين الاستعلاء والخوف وحتى لا نبالغ ما زال بعضنا يصر على العناد في حديثه وتعاطيه مع هذا الوباء اللعين، وتعالوا لنذهب إلى أي مكان في بلدنا لنجد هذه العادات قد استحكمت فينا والتي ينبغي محاربتها بلا هوادة، من مثل المصافحة والتقبيل والأخذ بالأحضان والنرجيلة ولعب ورق الشدة وطاولة الزهر وغيرها من العادات التي يجب أن يقلع عنها الجميع؛ خاصة أن هذا الفيروس لا يعرف ولا يستأذن أحداً؛ أكان قوياً أم ضعيفاً، أم كبيراً ام صغيراً أم فقيراً أم غنياً، وهو ما يدعونا إلى أخذ الحيطة والحذر والانتباه الشدي?، وهنا أنقل ما أرسله لي الدكتور خالد البشايرة بقوله: «هناك كارثة وبائية تحدث على الأرض وهناك أشخاص على شبكات التواصل الاجتماعي يتفاخرون بعدم الخوف، ويتجاهلون الاتجاهات السائدة، ويحتجون لأن روتينهم العادي يتعرض مؤقتا للاضطراب، كونوا صبورين، فلا يمكنكم الذهاب إلى المسارح أو المتاحف أو قاعات الرياضة، حاولوا أن تشعروا بالشفقة على عدد لا يحصى من كبار السن الذين يمكن أن يتعرّضوا للإبادة..عندما لا تصل الرسالة إلى الناس عن خطورة ما يحدث أُصاب بقشعريرة».
في هذه المحنة، نحن نحارب عدواً لا نعرف له مكاناً، فمن اللازم أن نثق باجراءات حكومتنا ونشدّ على يدها ونطالبها بالمزيد، وأن لزم الأمر فليتوقف (أسابيع) بدلاً من أن تتوقف الحياة وينهار الاقتصاد، فلسنا بايطاليا لنخصص 25 مليار يورو لمحاربته أو الصين لنجهز مستشفى عظيماً في عشرة أيام».
وبعد، ما أحوجنا إلى الدقة والنظافة والتعامل مع عدو لا نعرف مكانه، ولا متى يمكن أن يهاجمنا، ما أحوجنا إلى الإقلاع عن العادات السيئة، وأن نعود إلى البساطة وتعاليم ديننا التي تحرم علينا كل فعل سيء، وتحثنا على النظافة والصدق والعادات الحميدة، وما احوجنا ان اتباع القول:(تباعدوا..تصحوا)، الوباء خطب جلل يحتاج إلى مسؤولية يجب ان نتحملها جميعا، كما نحتاج إلى تفعيل إنسانيتنا وفطرتنا، وما أحوج العالم أن يفوق من غفلته ويعيد للإنسان انسانيته وعقله بعد كل هذا الغياب!.
(الرأي)