شفافية إنفاذ القانون وشموليته
علاء مصلح الكايد
14-03-2020 12:38 AM
تم تعقب سيدّة سعت لإثارة الرّأي العامّ دون سند صحيح في قولها وكذلك الحال بالنسبة لشخص آخر مارس ذات الفعل المجرّم في القانون وهما الآن في قبضة العدالة.
وحسنا فعلت الجهات المختصة في سعيها لوأد الدعاية الهدامة المثيرة للرعب لدى المواطنين فحمايتهم وصيانة مصالحهم واجب الدولة وسبب وجودها.
لكن، ولمّا كانت المادة السادسة من الدستور تنادي بالمساواة بين الأردنيّين في الحقوق والواجبات، وطالما أنّ من خصائص القاعدة القانونية العمومية والتجرّد، وجب على الدولة أن تسير على ذات النهج في أداء الواجب تجاه كل من يستهدف الثقة العامّة وأركان الوطن ومؤسساته دون وجه حق وبلا أساس وإسناد صحيح.
فمبدأ الصلاحيّة الذاتية - الشخصية - في قانون العقوبات الأردني مكمّل لمبدأ الصلاحيّة الإقليمية الذي يوجب مقاضاة كل من إرتكب فعلاً مجرماً في القانون وهو على الأرض الأردنية، بينما الأول فيفرض ذلك على من يرتكب الفعل أثناء تواجده خارج البلاد طالما أنه إرتكب ما يخلّ بأمن الدولة سواء كان أردنيا أو أجنبيا.
وإن هذه المبادئ ليست بالحقوق التي تملكها الدولة فتستخدمها أو تتركها متى وكيف شاءت بل هي من صميم الواجبات المفروضة على سلطاتها الدستورية، وليست معلقة على شكوى من متضرر بل النيابة العامّة هنا هي وكيل الشعب المضرور المستهدفة دولته.
كما أن مسألة إحداث التأثير على الجمهور من عدمها ليست معياراً للتجريم أو ترك الفاعل حرّاً طليقاً، بل هي مرحلة أخيرة تدخل في قياس شدة العقوبة التي تفرض على مرتكب الفعل لدى الحكم عليه، أما مجرد ارتكابه قصداً فمجرّم وإن لم يؤثر في نفس مواطن واحد وحتى إن لم يجد أحدا يصدقه.
إن هيبة الدولة وحدة واحدة لا تتجزّأ، وإن القسم الدستوري ليفرض على أصحابه أن يحافظوا على هذا الدستور بما حمل من قواعد ونصوص، وقد استمدت هذه القاعدة أهميتها من تصدرها مطلع الدستور في فصله الأول، فالعدالة والمساواة وعقاب كل عابث مهما كانت صفته أو موقعه مسلمات لا يكتب للنظام القانوني في الدولة الاحترام دونها.
ولا مساس بمستوى ديمقراطية الدولة إن هي أسكتت أصواتاً تمس بمكانتها والثقة العامة فيها بما تبثه من فتن، بل إن أصل الديموقراطية هو في وقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع أبنائها وبناتها بلا تمييز بالمغارم أو المغانم بينهم، بل إن ترك أحدهم بلا عقاب يحول دون مصداقيتها وشفافيتها لدى إخضاع غيره له طالما أن القانون هو الفيصل.
كما أن للمعارضة قواعد وأصولا سياسية يحميها القانون ويعاقب على ما تجاوزه منها، وأوّل أسباب كسب الثقة العامّة هو تطبيق القانون بشفافية وشموليّة وحزم دون تفريق بين ذكر وأنثى، سياسيّ أو غيره.(الرأي)