مع نهاية العام 2019 وصل الدين العام الأردني إلى 30.076 مليار دينار ونسبته إلى الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي وهي أداة القياس المعتمدة دوليا 96.6% مرتفعاً من 94.4% بنهاية 2018.
ما تقوله النسب هو أن المديونية ترتفع ولا تنخفض، خلافاً لما تخطط له الحكومة عن عزمها تخفيضه، فهل هذا الهدف ممكن التحقق.
المديونية ترتفع بالأرقام المطلقة، ولتخفيضها هناك 3 خيارات، أما الأول فهو زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي مقابل ضبط الاقتراض حتى تتاقص نسبة الدين وحتى لا يرتفع بالأرقام المطلقة، وفي حال إن كانت زيادته مقبولة فيمكن للنمو أن يستوعبها، أما الخيار الثاني فهو شراء الدين وهو ليس ممكناً في حالة الأردن الذي لا يملك فائضاً من المال لمثل هذه المهمة وهي بذلك مستحيلة، الخيار الثالث واقعي وممكن التحقق وهو استبدال الديون ذات الفوائد المرتفعة بأخرى ذات فوائد أقل.
هذا الاتجاه أشار إليه وزير المالية الدكتور محمد العسعس مؤخرا، لكنه ليس جديداً فقد بدأ به سلفه الدكتور عزالدين كناكرية عندما وقع مع البنك الدولي على قرض حجمه 2ر1 مليار دولار بسعر فائدة 4%. لمدة 30 عاما لسداد قروض سابقة تصل أسعار الفائدة فيها إلى 7%.
طبعا مثل هذه الفرصة متوفرة اليوم ولا تحتاج إلى ذكاء لتنفيذها فالتمويل متوفر في السوق وبأسعار فائدة منخفضة وهاهي البنوك المركزية حول العالم تتسابق في تخفيضها وستتبعها البنوك التجارية ومؤسسات النقد وبشروط ميسرة، حتى أن صندوق النقد الدولي أعلن أنه سيتحرك بخطى سريعة للبت في طلبات لقروض دون فائدة أو بفائدة منخفضة من الدول التي تضررت من الانتشار السريع لفيروس كورونا ولدى الصندوق 50 مليار دولار جاهزة للصرف السريع.
على الحكومة أن تتحرك سريعاً للحصول على قروض بأسعار فائدة منخفضة لتستبدلها بقروض ذات أسعار فوائد مرتفعة أو أن تضغط لتخفيض أسعار الفوائد على القروض القائمة.
مثل هذا الإجراء سيخفض تكلفة خدمة الدين – فوائد وأقساط – وتبلغ 1.254 مليار دينار وتُشكل 12.79% من مجموع النفقات العامة أي أنها تتجاوز عجز الموازنة بعد المنح.
تخفيض للمديونية مطلوب أن يكون بالأرقام المطلقة، لكن تخفيضه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليس خطأ طالما أن الاقتصاد قادر على النمو بما يتجاوز سرعة نمو الدين ولا يستطيع الأردن بأي شكل من الأشكال الحد من ارتفاع هذا الدين بالأرقام المطلقة لكن يستطيع أن يخفضه عبر النمو وعبر الاستفادة من فرص تراجع أسعار الفوائد العالمية.(الرأي)