يقود جوزيف بايدن السباق للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الأميركية القادمة. يأتي بعده بيرني ساندرز الذي حقق نتائج مهمة في الانتخابات الداخلية المفصلية الثلاثاء الماضي. بقية المرشحين تتهاوى فرصهم على نحو ملموس. الاعتقاد ان بايدن سيكون أقدر على الفوز أمام مرشح الحزب الجمهوري ترامب لأنه سيأخذ بعضا من أصوات قاعدته الانتخابية، في حين ان انتخاب ساندرز سيكون حدثا تاريخيا مهماً لانه أول أميركي يهودي يخوض الانتخابات للرئاسة، وان فاز فسيكون أول أميركي يهودي رئيساً للولايات المتحدة. السؤال لنا نحن في الشرق الأوسط، من هو المرشح الذي سيكون أفضل لنا: يتبنى سياسات تحافظ على الأمن والاستقرار في الاقليم، يدفع باتجاه تسوية عادلة للصراع الأطول مع إسرائيل، يعيد إحياء منظومة القيم السياسية الأميركية التي اضعفها ترامب على نحو قاتل، ويحدد بوضوح الدور الأميركي في الشرق الأوسط الذي ما يزال في مرحلة تحول غير واضحة؟
قبل الاجابة لا بد من تأكيد أن أيا من بايدن او ساندرز سيكون بكل الأحوال أفضل من ترامب لان الرئيس الأميركي الحالي أحدث من الضرر والاخلال بالتوازنات الاقليمية، والانحياز لإسرائيل، والنيل من قيم بلاده السياسية، ما يجعله الأسوأ ليس فقط للشرق الأوسط بل لمصالح بلاده وقيمها السياسية التي اكسبتها كثيرا من قوة التأثير في شتى مناطق العالم. يكفي القول بالضرر الكبير بكشف ظهر دبلوماسيي وعسكريي أميركا المنتشرين بالشرق الأوسط وجعل مهمتهم بالدفاع عن مصالح بلادهم اصعب وأعقد بسبب قرارات وسلوكيات رئيسهم وانقلابه وعدم احترامه للمؤسساتية في بلاده.
بايدن تاريخيا لا يحترم سياسات نتنياهو وقد اتضح ذلك في زيارته الشهيرة لإسرائيل عندما كان نائبا لأوباما يوم ان اصطدم سياسيا مع نتنياهو، وهو يمتلك من خبرة المناورة السياسية ما يجعله يحاصر نتنياهو ويرسخ قيادة أميركا لإسرائيل وليس العكس كما الحال الآن من خلال تنسيقات نتنياهو كوشنر. هو أيضا يظهر قوة أكثر في نقد ترامب ويعد الأميركيين بما يحبون من إعادة الاعتبار لمنظومة القيم الأميركية السياسية التي انتجت النظام العالمي الجديد ورسخت قواعد شرعيته ليأتي ترامب ويجهز عليها. ساندرز سيكون مرشحاً مثيراً أيضاً فهو أميركي يهودي صاحب رؤية واضحة وجلية ناقدة لإسرائيل فهو المؤمن تماماً وعن قناعة ان أمن إسرائيل لا ولن يتحقق دون إحقاق العدالة لمن تحتلهم، ودون سلام حقيقي مع المحيط بعيد عن غرور واستعلاء نتنياهو المستفز. والأهم، أن ترشيح ساندرز بمواجهة ترامب قد يخرج ما بأسوأ قاعدة ترامب الانتخابية الانجيلية ليظهر أتباعها على حقيقتهم الناظرة لليهود ودعمهم ليس أكثر من وسيلة أو اداة لعودة المسيح الذي عندها بحسب معتقدهم سيقاتل ويقتل اليهود. هذه المواجهة الفكرية الثيولوجية ستكون في منتهى الاثارة تفتح عيون كثير من الأميركيين على هذه القوة الانتخابية الانجيلية الخطيرة والمقدرة بحوالي 60 مليون ناخب أميركي.(الغد)