قد ينتقدني البعض على هذا العنوان الذي يبدو سيريالياً وكأني أريد منه فقط لفت الانتباه لا أكثر ولا أقل، غير أني لم أجد أفضل منه كمدخل لشرح وتشريح مخاطر حالة نتانياهو كسياسي وكرئيس لوزراء إسرائيل على المجتمع الإسرائيلي نفسه وكذلك على الشعب الفلسطيني ومشروع السلام في الشرق الأوسط.
شئنا أم أبينا خرج نتانياهو من مرحلة السياسي العادي إلى مرحلة السياسي "الاستثنائي"، ولكن هذا التوصيف ليس من باب المدح "لا سمح الله" بل من باب التوطئة للولوج في فضح حالة "الحقد والكراهية" التي باتت تغلف شخصية الرجل بالإضافة للغرور القاتل الذي سيأخذه حتماً نحو مزيد من ارتكاب "الأخطاء والخطايا" بل الجرائم والمخالفات الأخلاقية قبل القانونية.
أستطيع وصف نتانياهو وبكل هدوء وموضوعية بأنه بات يؤسس لمدرسة جديدة في عالم السياسة هي مدرسة "الفجور السياسي"، وهي مدرسة من أبرز صفاتها عدم الاكتراث بأي شيء ولا علاقة لها بالأخلاق وتستسهل أية وسيلة للوصول إلى ما تريد بل وأكثر من ذلك أنها تمارس الخطا وتدافع عنه، ومن أكثر صفاتها فداحة ووقاحة أن نتانياهو ومع اتهامه بثلاث جرائم فساد لا يعير أي وزن لتلك التهم بل ويسخفها ويخوض الانتخابات العامة لثلاث مرات خلال أقل من عام وأكثر من ذلك يحرض على خصومه، عرب ويهود ويتهمهم بانهم من داعمي الإرهاب.
نجح نتانياهو في زيادة التطرف داخل "المجتمع الإسرائيلي" وعزز خطاب الكراهية داخل بنيانه وتحديداً تجاه خصومه العرب وبخاصة "القائمة المشتركة" التي كانت بمثابة الشوكة في حنجرته قبل وبعد الانتخابات والتي شكلت نقيضاً كاملاً مع مشروعه المتمثل "بيهودية الدولة"، وبنى خطته الدعائية – الانتخابية على اتهامها بدعم الارهاب، وهو اتهام أرعن و "تعسفي" لا يستند إلى أي أساس من المعلومات أو الحقائق بل هو نوع من أنواع "الإرهاب السياسي" أو التحريض "المجتمعي المنعدم الأخلاق" الذي يشبه إلى حد كبير اتهام امراة فاضلة بأنها لعوب أو زانية بلا أي دليل، ومن امرأة مشهود لها بالسلوك القذر، وبالتالي فهو اتهام يستدعي طلب فتح تحقيق جدي فيه ولا يجب أن يمر مرور الكرام. أما الأخطر في سلوك نتانياهو فهو أنه يطلق نيران التحريض والكراهية في كل الاتجاهات، وبعد فشله في الحصول على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة وإحساسه بالمأزق وجه نيرانه إلى تكتل "أزرق أبيض" الذي يدعم بقوة مشروع قانون بالتوافق مع القائمة المشتركة وحزب العمل وميرتس وحزب غيشر وحزب إسرائيل بيتنابزعامة ليبرلمان لمنع نتانياهو المتهم بالفساد من تولي منصب رئيس الوزراء، وان تنحصر ولايته في فترتين فقط. وهذه الاحزاب لديها 62 صوتاً وقادرة على تمرير القانون، وهو الأمر الذي أفقده عقله ودفعه إلى اطلاق النار في كل الاتجاهات دون تمييز لاعتقاده أن باستطاعته وعبر"الصوت العالي" والمنطق المضلل والتهم التي يكيلها لخصومه السياسيين من التغطيه على تهم الفساد التي تطارده والتي أضيفت لها فضيحة جديدة وخطيرة اسمتها صحيفة هآرتس بـ " ووترغيت اسرائيلية".
الفضيحة الجديدة تتمثل بقيام نتانياهو باستئجار خدمات شركة الاستخبارات (CGI) للتجسس على غانتس، ومحاولة الحصول على معلومات محرجة وشخصية عنه مقابل مئات آلاف "الشواقل"، وجرت العملية بواسطة شركة وهمية - بخلاف قانون تمويل الأحزاب هذا بالإضافة إلى تورطه شخصياً في الحصول على تسجيل لحديث شخصي جرى بين يسرائيل بكار الذي كان مستشار غانتس الاستراتيجي، وبين الحاخام غيا حبوراه، كما كشفت إيلانا دايان، عشية الانتخابات في القناة 12 الإخبارية. ويضاف إلى ذلك محاولة ابتزاز عضو الكنيست عومر ينكليفيتس من حزب أزرق أبيض، والتي هددت بأنها إذا لم توافق على الانشقاق عن حزبها والانضمام إلى الليكود، سيجري الكشف عن معلومات شخصية عنها محفوظة في الجزء الباقي من التسجيل الخاص بالحديث بين بكار والحاخام حبوراه. ولا نعلم ما الذي سيُكشف في المستقبل من مسلكيات مجنونة ومتهورة لهذا الرجل الذي "يعبد الكرسي ويقدس السلطة" ويسعى للحصول عليهما بأي شكل وبأي ثمن.
تقول صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها المنشورة يوم الخميس الفائت: ".. لكن في الانتخابات الأخيرة، تجاوز نتانياهو الخطوط التي تفصل بين القذارة والجريمة".