عن مسلسل ام الكروم .. أبناء الأرض حينما يبدعون
صدام حسين الخوالدة
06-03-2020 04:47 PM
من الإبداعات الأردنية التي ستبقى نموذج لحالة ابداعية مستمرة تولد من رحم الارض و البيئة الأردنية البسيطة حيث يترافق الابداع الفطري مع الابداع المكتسب علميا وعمليا وهذه الحالة الإبداعية تتمثل في مسلسل ام الكروم والذي انتجه التلفزيون قبل عشرين عام وهو للكاتب المبدع الدكتور مخلد الزيودي استاذ الفنون في جامعة اليرموك و أخرجه وشارك في تمثيل ادواره باقتدار مجموعة من نجوم التمثيل في الأردن حيث اتقنوا ما أراد الكاتب إيصاله من رسائل وابعد .
المسلسل الذي اعيد عرضه على شاشة التلفزيون الاردني أكثر من مره بعد عرضه للمرة الأولى قبل عقدين من الزمان وكان آخر عرض له قبل شهر حيث لاقى متابعة كبيرة جعلت من أحداث المسلسل اليومية حديث مجالس وسهرات ولقاءات الأردنيين بل وسيطرت بعض مشاهد المسلسل على الأحداث الأكثر تدوالا على مواقع التواصل الإجتماعي غير مره.
إعادة عرض المسلسل في هذه الأوقات سيما في ظل معطيات و احداث تعصف في المنطقة والإقليم وأبرزها صفقة القرن أعطى المسلسل أبعاد أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية أعادت الى الاذهان واستخضرت اطماع العدو الصهيوني ليس في الأرض الفلسطينية والقدس الشريف بل في كثير من الأراضي العربية وان ارتباطهم بمعاهدات السلام في دول في المنطقة منها فلسطين والاردن ومصر لا تخفي اطماعهم الغير متوقفة في الأرض العربية وخطط التوسع التي لم تلقى دعما غير مسبوق من الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب .
على الصعيد الداخلي ترافق عرض المسلسل في المرة الأخيرة مع طرح قانون في البرلمان يتعلق بإقليم البترا و عملية إتاحة الفرصة للاستثمار فيها عن طريق بيع ملكيتها لمستثمرين من غير الأردنيين وهو مقترح القانون الذي لم ينجح بسبب رفض نيابي مدفوع شعبيا
على الصعيد الداخلي أيضا ننتظر بعد أشهر قليلة إجراء انتخابات نيابية وقد شكلت مسألة الانتخابات في المسلسل وشخصت ما يجري على أرض الواقع من عملية تتحدث عن كثير من نواب يصلون إلى قبة البرلمان باموالهم فقط دون أي برامج سياسية أو أي عمل عام أو خبرة وهي الظاهرة التي تنامت على الساحة الأردنية بشكل كبير خلال الانتخابات سيما في السنوات العشر الأخيرة وهو الأمر الذي ساهم للتأثير بشكل سلبي إزاء حالة الثقة بين المواطن ومؤسسة البرلمان الذي يفترض أن تكون أقرب اليه واكثرها ثقة بالنسبة إليه .
بالعودة للحديث عن مسلسل ام الكروم وكيفية تناوله والتعاطي معه من قبل الأردنيين وتلك الحالة التي تتعدى رصد المشاهد الكوميدية التي مررت من خلالها رسائل غاية في الدقة والأهمية وهي تقدم لنا وجبة معرفية لمخرجات ومجريات الأمور و اهمية اليقظة تجاهها فثمة اطماع وثمة أحداث ما تزال غامضة الاتجهات والتوجهات وثمة أفكار وآراء تمرر هنا وهناك تروج لفكرة التنازل عن الأرض مقابل المال وتلك قضية ابعد من مسألة البيع وتتعدى حدود الشراء الطبيعي الذي ينتفع به الطرفين.
بقي أن نقول ان الدولة مطالبة بدعم تلك الحالات الإبداعية التي تشبه مسلسل ام الكروم والذي عبر عن ماضي وحاضر بل وتنبأت بالمستقبل وقدمت وصفا ومشاهد وكأنها تتحدث عنا من الداخل بحالة وجدانية تعلقنا بها وجعلت الأردنيين يتوحدون في انتظار ساعات عرض المسلسل كل يوم طيلة فترة عرضه وربما لم تسجل ارقام مشاهدات التلفزيون الاردني نسبا مرتفعة مثلها في أيام عرض هذا المسلسل الذي لا نذيع سرا ان قلنا انه ينضم إلى مجموعة من الأعمال الفنية العربية المستمرة الجذب إليها واعتقد ان ما سمعناه من كاتب المسلسل الدكتور مخلد الزيودي عن جاهزية الجزء الثاني من العمل منذ سنوات عرض الجزء الأول ولكن يجدر بنا أن نسأل عن السبب في تاهير انتاج الجوء الثاني بل ودعم اعملل مشابهة في المحتوى ونقدم هذا التساؤل ونضعه أمام أجهزة الدولة المختصة مع القول بأن مؤلف هذا العمل المبدع يستحق التكريم كحالة ثقافية فنية ابداعية اردنية لتحفيزه لمزيد من الابداع الذي يثري الثقافة الوطنية ونحتاج أن يقدمنا للعالم من منطلق الحفاظ على هويتنا الوطنية الجامعة والذي أصبح الحديث عنها ولاجلها ضرورة في ظل هويات فرعية تجاوزت على هويتنا الأردنية الجامعة .
Sad_damesr83@yahoo.com