الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك عبد الله الثاني بمناسبة الذكرى الحادية والستين لاستقلال المملكة، حمل قيما عظمى واضحة.
فقد تطرق جلالته للعملية الديمقراطية والانتخابات، والتعددية، فأكد على أن تكون منتجاً أردنياً خالصاً، لا يريدها وافدة عبر الحدود، وعبر الثقافات . يؤمن بها كمنهج، وممارسة وإبداع يومي. يريد ان تأتي خلقاً حضارياً معبراً عن التعددية، واحترام حقوق الفرد دون جور من أي جهة أو جماعة تسم نفسها بالأغلبية، وتحصل على مواقعها بسوء الاختيار، و بغوغائية الخطاب الذي يداعب الغرائز السياسية أو الاجتماعية أو الدينية لجمهور الناخبين.
يريدها ممارسة ديمقراطية شكلاً ومضموناً، لا تجييشاً لجهوية أو جغرافية ضيقة، أو عصبية انتهازية، فالديمقراطية ليست آلية فحسب وإنما هي ثقافة لا يمكن الارتقاء إليها، لا برفع أداء الناس الحضاري، ليكون اختيارهم أكثر رشداً، وأحكامهم أصلح، تنطلق منها الحرية الفردية، وحرية الاختيار، والتعبير وإبداء الرأي، والفكر، لا يريد عبر صناديق الاقتراع أن تتغول الغوغائية، والتفكير الضيق، والتي تعبر عن أمية ثقافية .
الملك يريد مشاركة شعبية كاملة مع حراك العملية السياسية ليكون المواطنون نشطاء فاعلين بإمكانهم التأثير في اتخاذ القرار، وتحديد الأهداف الكبرى، لان للمشاركة الشعبية دلالات واضحة تبين عمق التطور السياسي للمجتمع، وقدرته على تطوير أنماط جديدة لمواكبة التطورات، ومن شأن ذلك ترسيخ الإحساس بالذات وتعميق الوعي بالهوية الوطنية.
على الشعب أن يتحمل المسؤولية مع الدولة، أمام التاريخ، وأمام استحقاقات الوطن، واحترام مبدأ التعددية الذي يجب أن يبتعد عن نمط تضخيم الفردية، وان تصبح التعددية مصلحة وقوة لا مجرد متعة شخصية وبراعة ذهنية، أو يأس من الانتماء، فالتشريع والرقابة على أداء السلطات التنفيذية، تشكلان ضماناً أساسيا لحسن أداء العمل الحكومي ونزاهته، الأمر الذي سيحقق ظروفاً أفضل لتنفيذ مشروعات التنمية وتغيير أحوال الناس المعيشية، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
هذه قراءة من قراءات كثيرة لخطاب جلالة الملك، والخطاب الذي يتسم بالتوجيه والحرص على مصلحة الشعب والوطن، ويتسم كذلك بالروعة والوضوح وعمق وبعد الرؤية والنظر، دائماً الملك يضع المؤشر على موضع الخلل، حمى الله الملك و رعى الله الوطن.
alghobein@yahoo.com