على بوابة العشرية الثانية .. القضاء والخارجية والعسكر اركان الدولة وعضد الملك
عمر كلاب
06-01-2010 12:48 PM
لم يختلق العرب مقولة ثالثة الاثافي اعتباطا ولم يركنوا اليها الا بحكم قدرتها على الصمود واحتمال القدر – بكسر القاف – وتطويعها لاحقا لأن تكون قدرا – بفتح القاف – في بناء عقل الدولة , فرقم ثلاثة هو رقم وتر وهو عدد ايات سورة الكوثر التي يجمع علماء التفسير على انها كبسولة تختزل فكرة التوحيد والعبادة في ثلاث ايات .
ولما كان القدر لا يركب الا على ثلاثة كما قالت العرب , فإنني استميح الرقم ثلاثة للولوج الى بوابة الفكرة التي انوي الكتابة عنها , لأن ثلاث هيبات للدولة او ثلاث بناءات جرى تغيير نوعي في اسلوب التعاطي معهن , ورغم وجوب تذكير ما ساورد الا انه يقتضي التأنيث بحكم اللغة لا بحكم الفعل والدور .
اولى هذه المؤسسات او الاثافي مؤسسة القضاء فقد جرى كسر منطق هذه المؤسسة بحكم تدخلات حكومية عبر وزارة العدل طوال سنوات تقارب العشرين سنة وللحصر منذ عودة الانتخابات النيابية الى الواقع الاردني فصارت تعيينات القضاة وترفيعاتهم جزء من المعادلة الشعبوية والمناطقية بل وخضعت للدخول في لعبة المحاصصة السياسية خاصة في درجاتها العليا , فقد بات عدد اعضاء قضاة الدرجة العليا يخضعون لحسابات المحاصصة اسوة بعدد الوزراء والنواب , وصار حملة اقلام التعليم على الاصل والمنبت يحسبون كل شاردة وواردة في هذا الجهاز الحساس .
وتوقفت ذاكرة العقل الجمعي الاردني عند رجالات القضاء فيما قبل عودة البرلمان فما زالت ذكرى موسى الساكت حاضرة في كل احاديث المحامين والقضاة وما زالت حادثة القاضي على مسمار يتناقلها الاردنيون جيلا بعد جيل عندما رفض ان يفتح شهادة القاضي النزيه التي جاءته من جنيف , قائلا جائزتي والحكم علّي هي ضميري ورضى ربي , ويروى ان الرجل رفض ان يفتح ورقة جاءته من الملك المؤسس رحمهما الله حتى لا يتأثر في اصدار الحكم .
فالقضاء دون حماية من غوائل الدهر وعاديات الزمن , فقاضي محكمة الاستئناف لا يوجد في مكتبه " صفر " للتحدث مع المحافظات او للتحدث الى هاتف محمول والمراسل على باب القاضي تابع لوزير العدل والورق من وزارة العدل وحتى القلم ويقول وزير العدل ان ذلك للحفاظ على استقلالية القضاء , في حين ان عدم توفير مقاعد جامعية لابناء القضاة وتدني رواتب القضاة ليس له علاقة بالاستقلالية .
فالقاضي المؤتمن على ارواح واملاك العباد لا تأتمنه وزارة العدل على صفر محلي او خلوي ناهيك عن عدم وجود ناد او جمعية للقضاة ومقر لائق لهذه الجمعية او النادي , الذي ان توفر فسيكون بيتا للخبرة وسندا للتشريع اضافة الى مقدرته على تدريب وتأهيل القضاة وتوفير مراجع حيّة للقاضي الجديد .
الان وحتى تزين الحكومة اجراءتها بصدقية في محاربة الفساد بشقيه المفسد وهو الاخطر والذي تحدث عنه الله تعالى في محكم كتابه , فالقران لم يتحدث عن الفاسد بل المفسدون وثانيا محاربة الفاسدين وهذا لا يستقر الا باستقلالية القضاء وتحصينه وتجنيبه الحاجة وتجويد نوعيته بالتدريب والتاهيل .
ثانية الاثافي هي المؤسسة الديبلوماسية وحملة راية العلاقات الخارجية فإذا كان المحافظ ممثلا لجلالة الملك في الداخل فإن السفير هو ممثل صاحب الجلالة والسفارة ارض اردنية في الخارج , ولذا سجب ان يخضع لاشتراطات خاصة لها علاقة بكل مفاهيم الدولة وسياستها وليس لاجندة حكومة بعينها فيتحكم وزير الخارجية برقاب السفراء او يهبط السفراء بالمظلات على الوزارة دون مرور على الاقل بالمعهد الديبلوماسي الذي للان لم نسمع او نرى له اثرا في الواقع السياسي فال هو بيت خبرة ولا هو موضع معرفة نلوذ اليها في الازمات او في الرخاء .
في بلد مثل مصر ما زال هناك توقير للسلك الديبلوماسي , فما زالت اصحف والمجلات المتخصصة تصل الى السفراء بعد التقاعد وما زال النادي الديبلوماسي يجمعهم تحت مظلته , فخلال زيارة الى مصر بمعية الدكتور مصطفى الحمارنة والاستاذ عدنان ابو عودة كان معنا السفير تحسين بشير وظلت مراسم الخارجية توقر في الرجل وكأنه سفير عامل رغم ان الرجل كان سفيرا للقاهرة في واشنطن منتصف الستينيات ورغم ذلك ما زالت الوزارة تتواصل معه وتمده بكل الصحف والمجلات الامريكية المتخصصة والعامة ونجم عن ذلك كله توفير بيئة حاضنة للثقافة الديبلوماسية انتجت مجتمعا من الديبلوماسيين له تجلياته الاجتماعية والسياسية .
الان نحن امس الناس حاجة الى ترتيب هذا البيت بشكل يليق بتمثيل الاردن خارجيا وان لا تترك السفارات مراسم فقط دون دور او وظسفة عامة تخدم به البلاط الهاشمي والوطن الاردني فمحاولات السفراء في الخارج وعملهم مجرد من مدونة سلوك وخال من تحديد دور بعد ان بات هذا المنصب مؤطر بحسابات التنفيع .
اما ثالثة الاثافي فهي بيت الاسد وعرينه المؤسسة العسكرية التي ما زالت ممسكة على العهد والوعد ان كان في الداخل او الخارج , فهم رسل امن وسلام ومبضع جراح يعيد النور للعيون التي اعماها الرمد والوجع وثمة طموح في رؤية نوادي الضباط من جديد فقد كان ربيع قلوبنا ونحن صغارا ان ندخلها او ان نحضر حفل زواج في قاعاتها وان ارتفع الطموح اكثر فالسباحة في مسابحها .
ثلاثة اركان للدولة احببت ان تكون حاضرة ببهاء لانه هذه الاركان مربوطة بالملك فالاول يصدر الاحكام بإسمه والثاني ممثله والركن الثالث هو عضده ومصدر فخرنا جميعا .