العاملون في مؤسساتنا، عامة كانت أم خاصة، وبالذات العامة، أنواع وأصناف عديدة.
بيد أنّنا للتسهيل نقسّمهم إلى ثلاثة أنواع، في النظرة والأداء.
الصنف الأول ويضم الذين يعملون بجد وجهد وإخلاص وانتماء. وهم في العادة على درجة كبيرة من الكفاءة ويتمتعون بمؤهلات لافتة.
هؤلاء تشرّبوا القيم الحميدة للمجتمع، من أُسَرِهم ومدارسهم بالدرجة الأولى، وإيمانهم بمجتمعهم ووطنهم لا يقف عند حد الشعار والخطاب والقول، بل يُترجم إلى عمل وفعل على أرض الواقع.
هؤلاء هم عماد المؤسسة وعماد المجتمع وعماد الوطن، يعملون بصمت وتفانٍ وكفاءة عالية، ويبثّون القيم الإيجابية في كلّ محفل، ويشحذون همم من يعمل معهم؛ وهم المسؤولون بالدرجة الأولى عن التطور والتقدم الذي يحصل في المؤسسة.
يؤمنون بعمل الفريق، ولا ينسبون أي شيء لأنفسهم؛ وينأون بأنفسهم عن الشللية ورفاق السوء والإشاعة وصالونات الثرثرة والهدم.
الصنف الثاني ويندرج تحته قوى الهدم والنفاق والأنانية. لا يبذلون أي جهد يُذكر في سبيل خدمة المؤسسة ورفعتها، وأولويتهم هي مصالحهم الشخصية ومصالح من هم على شاكلتهم. عادة ما تكون مؤهلاتهم دون المستوى المطلوب، ولم يفيدوا من قيم وأعراف مجتمعنا النبيلة؛ كأنهم لم يتربوا في أسرنا ولم يدرسوا في مدارسنا ولم يتخرجوا في جامعاتنا.
ولو توقف ضررهم عند أنانيتهم وهدر وقت المؤسسة وعدم الانتاجية، لكان الأمر نصف مصيبة. لكن ضررهم أكبر بكثير لأنهم لا يألون جهداً في مخالفة الأنظمة والتعليمات والأعراف في محاولة الحصول على مكاسب غير مشروعة، ويتذمرون وينتقدون ويذمون ويقدحون الآخرين، ويُصورون أنفسهم على أنهم ضحايا ومظلومون.
أصواتهم عالية وأفعالهم ظلامية، ويشيعون ثقافة سلبية، تقوم على الشك بالآخرين واغتيال شخوصهم والنيل من المنجزات، على مستوى المؤسسة وعلى مستوى الوطن.
وهؤلاء نَعتّهم في مقالة سابقة بـ«الطابور الخامس».
أما الصنف الثالث فيشير إلى تلك الفئة التي تتمتع بأداء معتدل وجهد وسط، وتتميز بتواضع جدّها وإخلاصها وانتمائها. على سلّم العلامات هؤلاء يصنفون ضمن فئة «المقبول». العمل بالنسية لهم «هو مجرد عمل»، والوظيفة هي راتب في نهاية الشهر، وتأمين صحي، وضمان اجتماعي؛ والإنجاز في حدوده الدنيا.
ليسوا سلبيين ولا هدميين، وهم مسالمون «طيبون»، في حالهم.
وهؤلاء غالباً ما يشار إليهم بتعبير «الأغلبية الصامتة».
ليس لدينا دراسات أو إحصائيات لنسب هذه الأصناف الثلاثة، لكننا نُقدر بناء على الخبرة والمشاهدة، بأن الصنف الأول يمثل ما لا يزيد على 30% من العاملين في المؤسسة، والثاني ما لا يزيد على 10-20%، والثالث بحدود 50-60%.
المطلوب من المؤسسة إعطاء كل الدعم والتقدير للصنف الأول، فهو ثروتها الحقيقية ورافعة حاضرها ومستقبلها؛ وتحفيز الصنف الثاني وتدريبه وتأهيله بهدف رفعة أدائه وزيادة انتاجيته وإيجابيته.
أما الصنف الثالث، فرغم قلة نسبته إلا أن ضرره كبير على مبدأ «التفاحة الفاسدة»،والمطلوب تحديده بدقة بهدف إما معالجته وإعادة تأهيله، أو التصدي له وعزله والتقليل من آثاره السيئة.
انتبهوا للفئات الثلاث الرئيسة هذه، وبالذات الفئة الثانية والتي قد تصور نفسها على غير حقيقتها.
(الرأي)