في حديث عابر مع أحد الأصدقاء واصفًا حالة عامة يشعر بها ومن خلال تفاعله مع العديد من الناس بحكم طبيعة عمله، حدثني وقد بدا عليه ملامح الحزن قائلا الكل يعتقد أنها بوفيه مفتوح !!!

هنا قاطعته متسائلا... عن ماذا تتحدث؟ رد وبنبرة غضب الناس والي شايفين حالهم مسؤولين بتعاملوا مع هالبلد وخيراتها كأنها بوفيه مفتوح، حامل صحن ومش مصدق حاله وبدو يوكل كل شئ ع البوفيه وبتمنى الصحن يوسع وبتروح على هالمساكين، إلى بسمعوا عن البوفيه... لا شافوه ولا أكلوا منه، وزي حفلات الأعراس عنا كل هالصرف وبالأخر باي باي أنت طالق.

سمعته للآخر وأنا استعرض في مخيلتي كل الحفلات التى حضرتها، كانوا لما يحطوا البوفيه اروح وأغادر بهدوء، المشكلة التي دارت في داخلي ليس لما سمعته من صديقي الجدير بما وصف... المشكلة في واقع ننكره ونعتقد ان الخطأ صواب وان الصواب خطأ، إنقلاب على واقع نحن من يدفع ثمنه والأجيال لن تسامحنا، كل هذا الطعام يذهب هباء منثورا ، كل هذا الخير يسلبه صاحب الشره والفجع، نعم عندما يأتي الأشخاص من واقع محروم ليس من المال بل من اهم القيم الإنسانية، عندما ينسلخ الإنسان عن أهله وموروثه ويتقن فن التمثيل والفهلوه ليتباهى أمام اقرانه والناس ببطاقة مشحونة بمال منهوب ومستباح لينقض على بوفيه مفتوح يعزم عليه من يشبهه، يقدم قرابين لفرض السياسات وإرضاء النفوس المريضة، وينتهي طبعا كل لقاء كالعادة... يخلف على المعازيب ومن قوة وحي الغانمين، للأسف مفهومنا مشوه لابن الوطن معتقدين ان كل ما تنبته الأرض مفيد، كثيرة هي الأعشاب الضارة والمتطفلة واللقيطة المتسلقة والاشواك المؤذية، ارضنا الرحيمة الطيبة الخيرة هجرها أصحابها لم تعد تجد العناية اللازمة، مبيدات مغشوشة و بذور معدلة جينيا لا تنتج ولا تبذر مرة اخرى، هذه هي مشكلة الوطن ، الأرض التى تدعو الله ان يصيبها العقم وان لا تلد من يعقها.

اخيرا يغادرون ..

كم هو المشهد مضحك ، كل المعازيم يغادرن، ويبقي الوطن معبرا عن أحزانه، ضاحكًا منهم لأنهم خسروه وخسروا أنفسهم وخسروا الجميع، الوطن لمن يعشقه ويحافظ عليه ويفديه، عاش الأردن وشعبه ومليكه المفدى.