ينتظر الناس صيف ساخن، حرارة الكورونا أقل وطأة فيه من أوهام الوعود ومحتملات التغيير، لا ميدان فسيح للمناورة، وأكثر الناس، لا يرون فيما يرون، مآلات مختلفة ولا عاقبة مغايرة، يأساً من الإصرار على القواعد، تلك التي لم تجد حزم النهضات، مكاناً لها في كتابها الكبير.
العالم كلّه يتطوّح على صفيح ساخن. لقد أوقدت في أسفله الكورونا، حطب الطبقات وجذوع الإقطاع واتخذت من غصون الآغوات، جذوتها المتسارعة، فاستعرت نيرانها، ولم يعد مهما في أولوياتها، شوارع معقمة وأخرى يملأها القلق. هذا حال الأمه كلها.
يستفحل الوباء بتسارع مخيف، والعالم كلّه يتسمّر دهشة وقلقا.
في الحقيقة لا يمكن لأحد التنبؤ بآثاره المدمرة على التعليم والتجارة والنقل والغذاء وسائر مناحي الحياة، وعلى إعادة إنتاج كاملة لعادات الناس في العيش واللقاءات والإجتماعات.
إن اول درس يطرحه الوباء على الناس في البلاد التي أنعم الله عليها بالحضارة والرقي، هو أن تلتفت جيدا لتلك التي يمكن أن تكون مراعي خصبة للأوبئة، وأن تبدأ مراسم التوبة عن خطيئة الإهمال، وسوءة الإنصراف والتجاهل، لتلك الحواضن التي تصدر للعالم ما يقلقه من تطرّف وأوبئة.
هذا من شأن أولئك الذين ينادون بالحفاظ على الجنس البشري في الوجه الشمولي للفكرة.
ينتظر الناس هنا، صيفا ساخنا، تعزف فيه اللافتات ايقاع الحركة، حيث يسخر الناس من مخرجات القانون، يشبعونها شتما، ويلصقون بها كل انكسارات الأمة وبعضا من الصفقات المريبة، لكنهم يعودوا في كل مرة، لممارسة اختبار جديد، طقوس، يبتغوا من مزاولتها، فسحة مرح، ووقت قصير للمناكفات.
لم يعد أحد يعبأ بما وراء الصيف، من خطابات ملؤها الشتائم لا تصنع شيئا. لم يعد أحد يكترث للمساجلات، منذ أمد بعيد.
أنه مراسٌ أختصه الناس لأنفسهم وابتكره اليأس والقنوط . مران ٌيرتكز على خيبات متتالية من أداء يخلو من الدسم، ويعيد انتاج الفكرة الهزيلة، المتكئة على تراكمات مريرة، منذ أمد بعيد، حيث لم تغير ضربات الأقدام ولا مايكروفونات المنابر، شيئا، وسط مزاولة كاملة الزهو، لطقوس تجاهل النيران والصفقات والبيوع.
يترصّد الناس صيفهم الساخن، وقد تبعثر فيه الإكتراث، بين صفقة القرن التي يشحذ نتنياهو سكينه للإجهاز في تنفيذها على بقية الهواجس التي ادخرها الثوّار للقضية، وبين وباء لا تردعه حدود ولا فوارق، وطقوس دورية في المراء والجدل ومشاهد الوعود الوادعة، تلك التي يعرف الممثلون أدوارهم جيدا فيها، وهم موقنون أنها لا تزيد على أن تكون جسراً مؤقتاً سريعا.