تفاصيل أسباب وظروف أحداث جامعة اليرموك (1986)
أ.د. سعد ابو دية
05-01-2010 01:18 PM
(شاهد عيان) ..
تكرر الحديث هذه الايام عن احداث جامعة اليرموك عام 1986 ، وتطرق ا لمسؤلون للاحداث في مقابلاتهم مع الصحف. وفي لقاء ليث شبيلات مع قناة الجزيرة يوم الجمعة 24/7/2009 تطرق مقدم البرنامج لها ايضا وهو ما يحفز الى استعادة حقائق ما جرى في تلك الايام:
بداية الاحداث عام1983 ..
بدأت الشرارة يوم رفعت الجامعة المعدل التراكمي الى 70 وعلامة النجاح الى 65 وفصلت الجامعة 400 طالب ووقعت مظاهرات في الجامعة وعادت الجامعة عن قرارها السابق وجعلت المعدل التراكمي 65 وعلامة النجاح 60.
المحطة الثانية ..
في عام 1985 وقعت مشكلة بين الادارة وطلاب كلية الهندسة يوم اضافت الجامعة ست ساعات اجبارية من اجل التدريب واضطر الطلاب لدفع 90 دينارا للجدد و (60) للقدامى. رفع الطلاب مذكرة للعميد ثم الرئيس ثم رئيس مجلس التعليم العالي ولم تصل المذكرة للتعليم العالي!!.
طلاب الهندسة..
ظل قلق طلاب الهندسة بالرغم من تراجع الجامعة جزئيا عن قرارها السابق ولم تقنع تصرفات الادارة الطلاب فاعتصموا يوم 10/3/1986 وساروا للرئاسة وقابل ثلاثة طلاب رئيس الجامعة. ولم تقدم الادارة شيئا معقولا فاندلعت مظاهرات يوم 11/3/1986 و 12/3/1986 وانضم اخرون من غير طلاب الهندسة للمظاهرات.
المحطة الثالثة ..
قابل ثلاثة طلاب هم عامر عوض، سعد الطاهر، جمال كايد نائب الرئيس (مروان كمال) يوم 15/3/1986 وتم الاتفاق على انهاء الاضراب مقابل ان تدرس الجامعة موضوع التدريب الصيفي وموضوع العلامة المعادة. وظل الموضوع اكاديميا حتى تلك الحظة.
لكن في يوم 29/3/1986 وزعت منشورات بمناسبة يوم الارض بتوقيع "حركة الشعب العربي الفلسطيني". في اليوم التالي وفي الساعة الحادية عشر صباحا تجمع امام مبنى كلية العلوم 250 طالبا والقيت كلمات مؤيدة في بعضها لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهكذا خرجت الامور عن النطاق الاكاديمي.
ومن ملاحظاتي الشخصية كان هناك تيارا مؤزرا يهدف الى ازالة رئيس الجامعة عن موقعه. لم يكن في الاردن سوى (جامعتين) فقط حتى ذلك الحين. وللعلم فقد تكررت التجربة في عهود لاحقة إذ تقع الاحداث من اجل إزاحة رئيس عن موقعه حتى يحل اخر محله. هذا ما دار في خاطري عندما تكررت الاحداث مرتين في وقت وفي نفس المكان ومكان اخر
المحطة الرابعة..
في يوم 26/4/1986 قدمت 25 جمعية طلابية من اصل (27) لعقد مؤتمر طلاب يوم 28/4/1986 لمناقشة امور غير المسائل السابقة المتعلقة بالتدريب وخلافه. وقد رفض عميد شؤون الطلبة ان يوافق. علما بأن لم يكن يجمع الجمعيات الطلابية (مجلس) كونها دون مجلس جمعيات طلابية.
وبالرغم من عدم موافقة الادارة على عقد الاجتماع فقد عقد (1500) طالب اجتماعا في السطح الاخضر في الجامعة. حضر الرئيس عدنان بدران ومعه مساعده وابلغ الطلاب بعدم قانونية الاجتماع وانسحب.
وفي الساعة الرابعة التقى ممثلو الطلاب (25) طالبا مع العميد وحضر الرئيس عدنان بدران هذا الاجتماع وطالب الطلاب بتكثيف الحوار مع الادارة وطلبوا صلاحيات اكثر.
وفي نفس الساعة عقد رئيس الجامعة اجتماعا كما عقد في المساء في مكتب محافظ اربد اجتماعا حضره الرئيس وعاد لاجتماعه في الجامعة. وفي الاجتماع طالب مجلس المحافظة التنسيق بين الاجهزة الامنية وادارة الجامعة لان المعلومات حول الاسماء متناقضة وطلب توجيه انذارات واستدعاء اولياء امور الطلبة وفصل الطلاب القياديين فصلا "نهائيا لانهم يعطلون الدراسة".
المحطة الخامسة ..
يوم 14/5/1986 وقعت مظاهرات شارك فيها 2500 طالب حيث ازداد العنف الطلابي وضُرب احد طلاب الجامعة .تم استدعاء الشرطة. بدأت الامتحانات النهائية وأُعلن أنه لن يدخل الجامعة الا من كان عنده امتحان وهذا لم يحظ بقبول الطلاب.
اتصل رئيس الجامعة بدولة رئيس الورزاء زيدالرفاعي ورئيس مجلس التعليم العالي وابلغه بالموضوع واقترح تعليق الدراسة وتأجيل الامتحانات او عدم تأجيل الامتحانات مع إبقاء حراسة وحماية قوية ووافق رئيس الوزراء على المقترح الثاني وان تتم حماية المباني الاربعة للكليات.
اقترح نائب الرئيس ان يشارك الموظفون الاداريون في الحماية والحراسة وفشلت الفكرة. توترت الامور وهاجم الطلاب بعض اعضاء هيئة التدريس حسب رواية نائب الرئيس. جاء مدير الامن العام (عبد الهادي المجالي) لاربد. تمادي الطلاب، دخلوا وحاولوا سحب اوراق الامتحانات وعطلوا سير الامتحانات في قاعات يشرف عليها: د. خلف التل، د. شارل جوتان ،ماريا ابو ريشه، د. احمد مسلط.
ذهب رئيس الجامعة الى نادي ضباط الشرطة وقابل هناك مدير الامن الساعة 6 مساءً وظل معه حتى الساعة 11.30 مساءا وثم عاد للطلاب وفاوضهم لمدة ساعة ونصف.
طلب الرئيس من مدير الامن حماية القاعات داخل الجامعة وليس خارجها فقط. قال مدير الامن انه لا يستطيع دخول الجامعة بطلب من رئيس الجامعة بل من المحافظ، وهنا طلب من رئيس الجامعة ان يطلب خطيا ورد رئيس الجامعة انه سوف يستدرك ذلك فيما بعد.
وقعت الواقعة..
مساء الاربعاء 14/5/1986 قام مدير شرطة اربد وعميد شؤون الطلبة والدكتور احمد الكوفحي نائب اربد بتكليف من مدير الامن بدخول الحرم الجامعي والحديث مع الطلاب وقالوا لهم ان الباب الشمالي مفتوح واصر الطلاب على الاعتصام امام مبنى الدراسات الاسلامية. عاد مرة اخرى الاشخاص الثلاثة وطالبوا من الطلاب (الساعة الثامنة والنصف) نفس الطلب وابلغوهم بما يلي:
إلغاء امتحان يوم الجمعة 16/5
السماح للجميع بدخول الجامعة، حتى المفصولين، وان يقدموا امتحانات اذا كانوا يحملون هوية.
ولكن للاسف تغيب الطلاب وطالبوا بتأجيل الامتحانات ليوم الاثنين 19/5/1986 ومع مطالب اخرى. تعقدت الامور واستمرت المفاوضات حتى الساعة 10 ليلا وطلب الطلاب الاجتماع بالرئيس. وهكذا وصلت الامور ذروتها بتمادي الطلاب. واني على ثقة ان أياد خارجية كانت تتدخل. وكما ذكرت كان هناك تمادي من الطلاب وكانت الاجواء تشجع على التمادي.
قبل هذه الاحداث ورغم التفاهم بين الاسلاميين وبين رئاسة تحرير الجريدة التي تصدر في الجامعة فقد ظهر مقال (الفئران الملتحية) واغضب الاسلاميين.
وللعلم فإن محافظة اربد آنذاك كانت تعيش اجواء تدين وكان المحافظ نفسه احيانا من الاخوان المسلمين. كانت كل الدلائل تشير ان الواقعة ستقع.
بالنسبة للرئيس عدنان بدران فقد كان يعيش في دعم من اخيه مضر بدران رئيس الوزراء حتى مطلع 1984 واستمر الدعم عاما اخر بوجود احمد عبيدات خلفا لمضر بدران في رئاسة الوزراء.
لم ينتبه عدنان بدران ان ساحة الدعم تتقلص. كان يقضي وقتا اطول في مكتب الارتباط في عمان. كما ان بعض مساعديه لم يكن يتمتعون بشعبية، ما يعني الامور والاجواء كانت تتغير والدعم يقل والطامعون برئاسة الجامعة كثيرون. لم يكن يومها قد تحددت مدة الرئاسة هو الحال الان.
العبرة
بالنسبة لي فإنني اعتقد ان (عدنان بدران) قدم الكثير لليرموك و (الجامعة الاخرى) التي ظهرت بعد عام 1986 باسم جامعة العلوم والتكنولوجيا إذ ان احداث اليرموك أدت الى تأسيس جامعة جديدة للكليات العلمية ومنها كلية الهندسة التي تسببت بكل ما جرى في جامعة اليرموك حيث وقعت الاحداث في منتصف الليل وقتل اشخاص ومنهم فتاة نتيجة التدافع.
وقد ذهبت مساء وبمبادرة شخصية مني لتعزية ذويها في صويلح فلم أجد شخصا معزيا غيري.
ولا يمنعني ما كتبت ان احمل المسؤولية لتيارات كانت تغذي المشاكل وتساهم في تصعيدها.
فالقضية بدأت بتدريب مهندسين وأين يتدربوا وماذا يدفعوا، وانتهت بأحداث دامية شهدتها الثمانينات في الاردن ومنها احداث معان 1983 وأحداث اليرموك 1986 ثم احداث معان 1989 وكلها وقعت في غياب مجالس نواب فعالة.
لم يكن هناك منبرا نيابيا وهذا الذي أدى الى ظاهرة المظاهرات والمناشير والكتابة الى المسؤولين.
ولدي من تلك الفترة الرسالة الشهيرة التي وجهت الى الرئيس المصري حسني مبارك احتجاجا على لقائه برئيس وزراء اسرائيل ووقعها احمد عبيدات وسليمان عرار وسالم مساعدة وجعفر الشامي وطراد القاضي وطارق مصاروه وعلي السحيمات وعبد الرحيم عمر وحمد الله النابلسي وعوني حجازي وجودت السبول وعوني المصري وشوكت محمود وحسن المومني وسعد هايل السرور وممدوح العبادي وعبد الحميد الشريدة وخالد محادين وعبد الرزاق طبيشات وعبد الله عبابنه وشاهر ابو شحوت.