بدأت الحكومة خطوات فعلية لاعادة ترتيب اولويات الانفاق في موازنة ,2010 بمعنى آخر اننا بصدد قانون مؤقت معدل لقانون الموازنة الذي اعدته حكومة الذهبي قبل رحيلها بأيام قليلة.
من حق الحكومة الحالية ان تُعد قانون موازنة يتلاءم مع توجهاتها لا ان ترث موازنة وتنفذها وهي غير مقتنعة بفرضياتها, ومن ثم تقع في حرج امام الرأي العام في حال اي اخفاق وتضطر بالتالي للدفاع عن شيء ليس لها علاقة به, كما حدث مع حكومات سابقة.
الفرضيات التي بُنيت عليها موازنة 2010 أثارت جملة من التساؤلات حول مدى تطابقها مع معطيات الاقتصاد الوطني على ارض الواقع, فالحكومة السابقة صرفت كما كبيرا من الاموال للانفاق على مختلف القطاعات ولم يكن لذلك آثار ايجابية على النمو كما كان متوقعا, فقد استمر مسلسل التراجع في الارباع الثلاث الاولى من العام الماضي بوتيرة عالية (3.2-2.8-2.1) بالمئة على التوالي, ومن المؤكد ان ينخفض النمو الى اكثر من ذلك في الربع الاخير من العام المنصرم, فكيف سيكون حال النمو مع قيام الحكومة بتخفيض الانفاق بنسبة تجاوزت العشرة بالمئة خلال العام الحالي, فبلاغ الموازنة توقع ان يكون النمو بحدود الـ 4.5 بالمئة وهذا امر غير وارد في قراءة بسيطة للواقع الاقتصادي.
توقعت موازنة 2010 تذبذب اسعار النفط ولكن بدرجة اقل مما حصل في سنة ,2009 رغم ان المؤسسات الدولية تفترض ان يكون هناك استقرار في الاسعار على ارتفاع, بمعنى ان يحافظ برميل النفط على سعر مرتفع لفترات طويلة, وتتحدث الاوساط ان سعر 75 دولارا هو سعر عادل في حين تشير بعض المؤسسات لارتفاعه الى حدود الـ 100 دولار مما قد يضاعف فاتورة الاستيراد ويزيد من العجز التجاري وزيادة في فاتورة الدعم الحكومي.
بلاغ الموازنة كان قد توقع ارتفاع الايرادات الضريبية بنسبة 7 بالمئة رغم ان هناك هبوطا حادا في ارباح الشركات مما سيؤثر سلبا على تحصيلات ضريبة الدخل, ناهيك عن ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية والنفط سيؤثر سلبا على الانفاق وبالتالي على تحصيلات ضريبة المبيعات, وتوقع كذلك نموا في الصادرات بنسبة 11 بالمئة وهي نسبة يرى خبراء انها مبالغ فيها ولا تعكس حجم التحديات الراهنة التي تعاني منها الصادرات الوطنية التي تتراجع منذ اشهر بنسب وصلت الى 30 بالمئة.
الموازنة تقول ان الدين لن يتجاوز هذا العام ما نسبته 60 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي وهو أمر غير وارد حيث ان تلك النسبة باتت مخترقة وتجاوزت الـ 60 بالمئة.
المطلوب في أية موازنة ان تعكس المشهد الاقتصادي وتتطابق مع مؤشرات التنمية وتدلل على خط سير الحكومة والسياسات التي تريد اتباعها لانعاش الاقتصاد. وفي النهاية فان سلامة اي موازنة تتحقق بالالتزام بعجز مالي مستقر يمنح الحكومة المرونة اللازمة للتحرك الاقتصادي.0
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم