ملامح الانتخابات النيابية القادمة
عمر الرداد
27-02-2020 08:56 PM
جاء الحسم الملكي بإجراء الانتخابات النيابية في "صيف" هذا العام ليضع حدا لتكهنات كثيرة كانت تذهب باتجاه إمكانية التمديد لمجلس النواب الحالي،ومن المؤكد اليوم أننا ووفقا للمدد الدستورية ،على موعد مع حراك انتخابي يمتد حتى أوائل أيلول القادم، ربما تكون ذروته في شهر رمضان القادم وما بعده لحين يوم الاقتراع الذي سيتحدد عبر إرادة ملكية لاحقا،وهو ما يعني ان ملفات كثيرة سيتم فتحها في هذا الحراك.
لقد كان واضحا في التوجيهات الملكية للحكومة والبرلمان التي خلالها أكد جلالة الملك عن انتخابات في الصيف القادم،وأهمية التشاركية بين الحكومة والبرلمان للعمل على التشريعات المهمة، والاستمرار بتطوير الجهاز القضائي وأن المطلوب من الجميع دعم وتطبيق الحزم والبرامج الاقتصادية، وبما ينعكس إيجابا وبشكل ملموس على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين،وهو ما يرجح معه ان الانتخابات ستجري وفقا للقانون الانتخابي الحالي،دون ان يعني ذلك عدم إجراء تعديلات محدودة جدا لا تطال جوهره.
وبمعزل عن الحكومة التي ستشرف على الانتخابات القادمة ان كانت هذه الحكومة او حكومة جديدة،فان أربع سنوات من عمر المجلس الحالي،شهدت تحولات عميقة على الصعيدين الداخلي والخارجي،ومن المؤكد أنها ستلقي بظلالها على الانتخابات القادمة، وتحديدا التحولات في المزاج العام الأردني،وعمليات الهدم والبناء التي تمت لكثير من الأفكار والقيم والثنائيات،هذا الرأي العام المشدود لأية بارقة أمل على خلفية الأزمة الاقتصادية،التي أصبحت تداعياتها توسع جمهورها، والذي يتوقع ان لا تشده الأفكار الكبرى بقدر ما ستشده الحلول الموعودة بحلول لأوضاع معيشية تزداد ضغوطها يوما بعد يوم، فيما تشكل تداعيات الخطة الأمريكية للسلام ،والمعروفة بصفقة القرن ابرز المتغيرات على الصعيد الخارجي، وباتجاهات ستنعكس بمشاركة أوسع في الانتخابات القادمة،ستسهم في تغييرات بتركيبة مجلس النواب.
صحيح أن القوى التي ستسهم في تشكيل المجلس القادم لن تخرج عن ثلاثية" أصحاب رؤوس الأموال وما يمثلونه من اتجاهات ليبرالية، والإسلام السياسي ممثلا بالحركة الإسلامية، والتحالفات العشائرية خاصة في المحافظات" الا ان محطتين برزتا خلال السنوات الأربع الماضية لا بد من التوقف عندهما، ومتابعة تأثيرهما في اتجاهات الناخبين للانتخابات القادمة، الأولى: حراك الدوار الرابع الذي أسهم بالإطاحة بحكومة هاني الملقي على خلفية قرارات مرتبطة بنظام ضريبي جديد، وإضراب نقابة المعلمين، وما أفرزته هاتان المحطتان من تغيير في المزاج العام، اقل ما يمكن ان يقال فيه انه اظهر وجود كتلة وازنة عمادها "الشباب" تضرب عرض الحائط بثنائيات ومفاهيم كان يعتقد في أوساط المحللين انه من الصعوبة بمكان تجاوزها،هذه الكتلة ربما يكون لها حضور في المجلس القادم على حساب القوى التقليدية في المجالس النيابية" رأس المال،الحركة الإسلامية والقوى العشائرية"، المتهمة من قبل الشارع بأنها "تواطأت" مع الحكومة في تمرير قرارات اقتصادية استهدفت هذه الكتلة الناخبة.
لا يتوقع ان تسفر الانتخابات عن تغييرات نوعية وعميقة في مجلس النواب، الا بحدود تراجع التيارات التقليدية لصالح تيارات صاعدة، وربما تزداد حصة التيارات المدنية، وبما يعكس بعض التحولات التي طرأت خلال السنوات الأربع الماضية،وستبقى الخدمات التي يمكن ان يقدمها النائب"المرشح" احد ابرز المعايير في تحديد "لون" المجلس القادم، بما في ذلك غياب العنوان السياسي عن المجلس،خاصة وان تجربة مجالس المحافظات لم تأخذ دورها المأمول وبقيت أسيرة تغول مجلس النواب والمجالس البلدية عليها،وهو ما حال دون بناء سياسية نيابية ،فيما لا يستبعد ان تزداد نسبة الاقتراع العامة بفضل مشاركة أوسع ستشهدها دوائر عمان ،وربما تؤسس هذه الانتخابات ترجمات فعلية لمقاربات الحكومات البرلمانية ،ومع ذلك فان إجراء الانتخابات في موعدها،سيسجل بوصفه انجازا للدولة الأردنية،ويرسل رسالة بثباتها واستقرارها والتزامها بمواعيد دستورية،وربما تكون هذه الرسالة الأهم بالانتخابات .