الكورونا ليست قاتلة لكن الأزمات كذلك
سيف الله حسين الرواشدة
27-02-2020 05:38 PM
في عام 1997 سجلت أول حالة لإنفلونزا الطيور في العالم، وقد استغرق الأطباء شهرًا كاملاً لتميزها عن نزلات البرد الموسمية والتعرف على طبيعة هذا الفيروس الذي بلغت نسب الوفاة للمصابين به حوالي 60%، هذه النسبة العالية تحمل في طياتها إشارة الى أن أعراض هذا المرض واضحة وخطيرة مما سهل اكتشافه وساعدنا في التحكم بمدى انتشاره والسيطرة عليه.
نسب وفاة المصابين بفيروس كرورنا لم تتجاوز الى الان حاجز 2% وأعراضه تراوحت بين أعراض نزلات البرد الموسمية الى الحمى الشديدة، وهناك عدد ممن ثبتت اصابتهم بالفيروس مثل بعض ركاب السفينة السياحية في بحر اليابان لم تظهر عليهم أية أعراض أو علامات للمرض، ولا حتى ارتفاع لدرجات الحرارة التي تعد وسيلة الفحص الأولى للكشف عن هذا الداء، وهذا يجعل التحكم بانتشاره صعبًا فقد تنبأ قسم الأوبئة في جامعة هارفرد بفشل احتواء المرض واحتمالية اصابة حوالي 40-70% من سكان العالم به خلال عام واحد، واعتباره بعد فترة مرضا موسمياً كموسم انفلونزا الشتاء.
ردة الفعل العالمية لاحتواء الفيروس وإنتاج لقاح لعلاجه تعتبر سريعة نسبياً، لكن الأوساط الطبية تأكد أننا نحتاج من 12-18 شهرًا لإنتاج مصل معتمد بكميات كافية لمكافحة الفيروس، ومما يزيد هذه المسألة صعوبة افتقار الجامعات والمؤسسات البحثية للأموال والأدوات الازمة لذلك، وابتعاد شركات صناعات الادوية العملاقة عن هذه الاستثمارات الغير مربحة على المدى البعيد والتي تحتمل مخاطر قانونية، فصناعة الامصال عملية مقعدة وتحتاج الى تطوير مستمر.
كل هذا يحملنا الى ما علينا فعله قبل وصول المرض الى وطننا وبعده، فقبل وصول المرض لا يجب المبالغة في التخويف منه أو المغالاة في إجراءات عزله حتى لا يسبب تسجيل أية حالات إصابة به الهلع والفوضى في المجتمع، وعلى العكس يجب تثقيف المواطنين بأعراضه ومدى خطورته، ووسائل انتشاره والوقاية منه، فحوالي 98% من المصابين قد تعافوا منه كلياً، إضافة لهذا يجب اعداد خطة مواجهة للازمات تشترك فيها مرافق الدولة مع المجتمع في تأمين الحاجات الأساسية وتخزينها لمضان استمرار تزويد الأسواق بها بشكل منظم، وضمان سير الحياة ومرافق الخدمات العامة كالتعليم وغيرها، ورفع جاهزية القطاعات الطبية وسد أي نقص من الممكن أن تعاني منه المستشفيات في المستقبل مع الاخذ بالاعتبار أي تغير في خطوط الشحن والتزويد الدولية.
في الازمات يكون نصف الشر في الهلع ونصفه الاخر في عدم الاستعداد، كذلك يستمد المجتمع ثقته من احساسه باستعداد الحكومة وجاهزيتها للتصدي لكل الاحتمالات ووجود خطة معدة مسبقًا توفر للجميع كتالوجًا يخبرنا عن كيفية التصرف في جميع الظروف بصورة واقعية، هذا ما سيضمن النظام والسيطرة على الازمات بعيدًا عن الفزعة المؤقتة التي تورث التخبط وعدم الاستقرار.