الذكاءات المفقودة وعقدة الفهم
د. عبدالحليم دوجان
26-02-2020 02:23 PM
قيل أن الجاهل الحقيقي هو الذي يعتبر نفسه أكثر الناس ثقافة وثقة، فهو لا يعلم أنه لا يعلم ، هذا ما أشار اليه منحنى العلاقة بين ثقة الإنسان وخبرته، والذي نال جائزة نوبل في علم النفس عام 2000، فعندما تكون معرفة الإنسان وخبرته 0% فإن الشعور بالثقة الوهمية يصل إلى100%، وهذا مستوى وهمي يشعر به الانسان ،فكلما زادت معرفته وخبرته يقل مستوى الثقة الوهمية لديه ويكتسب الثقة الحقيقية بنفسه بمرور الايام، ولوحظ أنه عندما يصل الإنسان إلى مستوى خبير،فإن ثقته بنفسه تصل إلى 70% فقط.
هذا ما نواجهه اليوم في عالمنا العجول ووطننا المحسود، فتجد الواثقين من نفسهم يملؤون أغلب الفضاءات،تصادفهم أينما أحللت يساراً أو يمنياً، يسودون في الأرجاء، موجودون بين العموم والذوات، وأصبحت المجالس تدار حيثما يجلسون، يلقون علينا بأكوام من ثقتهم الوهمية، لتمنحنا فيضا من السطحية وشيئا من السخافات، فضلا عن تنمية انتمائنا البارد للوطن كما يعتقدون .
ليست ثقة وهمية فقط، لابل هي عقدة الفهم وذكاءات مفقودة منذ الطفولة ، فهي الأكثر انتشارا وشيوعا على كافة الأصعدة، حاملوها بشر مثلنا ، لكن الفارق بيننا وبينهم هو مستوى الثقة، نحن نملكها بحدودها الدنيا ونبثها دون قلق ، وهم يملكونها بالمطلق، يفكرون و يمنطقون حديثهم ويبررونه ويتخذون القرارات رغم أن مخزونهم المعرفي والعملي لا يبعد كثيراً عن الصفر. و لا تعلم كيف!!!!!!
كم أنت ملزم أن تسمع وتنصت وتؤيد أحيانا، وتشك في نفسك أحيانا أخرى فتستسلم بقهر، محاولا إقناع ذاتك بأنه ليس من المعقول أنهم مخطئون ولا يعلمون، فهم منتقون، ولربما قد هبطوا من السماء.
فالخواء تكسوه الملابس والمراكز والأرقام المميزة وجمع من الاشقياء، لا يمكن لنا أن نعرف من يعاني عقدة الفهم، وتشعر بأن جميعهم أصحاب خبرة ومعرفة يمتلكون ما يكفي من الذكاءات، وقراراتهم المتخذة باتت صحيحة سليمة لا تتوقف عند حد، فلا تقنع نفسك أنهم يعانون ، ولا تقف حائرا حزينا، واتجه عائدا إلى تكوين آخر يكون أقل خواء، وأقل ثقة، وأكثر معرفة وخبرة.
أمعقول أنهم أحكموا السيطرة على العقول والقلوب، واختلقوا الأزمات؟!! . فيا وطني الحبيب سلمت من عين البشر، فلن يوقفنا هؤلاء ولن تتزعزع ثقتنا بأنفسنا وسوف نعمل ونضحي ونمضي إلى الأمام.