عقد من أسابيع الوئام الأردني المنشأ
الاب رفعت بدر
26-02-2020 12:57 AM
قبل أيام، كان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظّم في زيارة هي الأولى له إلى أرمينيا. وفي حديثه مع الرئيس الأرميني، قال: إننا نُشيد بالإخوة الأرمن المتواجدين في الأردن منذ مئة عام، كما أشاد جلالته بالصداقة مع الإخوة الأرمن، وبانتمائهم وإخلاصهم.
أحببتُ أن أبدأ بهذا الكلام لأقول: إن الأردن هو أسرة واحدة، يجمع بين ذراعيه العديد من المواطنين، القادمين من إثنيات وقوميات مختلفة، ولكن يجمعهم حُب الوطن والانتماء والولاء. هنالك أيضاً أديان مختلفة، وداخل كل دين هنالك «طوائف» متعددة، ولكن أن يجتمع الكلّ تحت قيادة حكيمة واحدة، وتحت مظلة عائلية واحدة، هو ما نفخر به في أردننا الحبيب. وإنّ أشادة جلالة الملك بالإخوة الأرمن هي إشادة بالتعددية الراقية في هذا الوطن الذي يجمعه الولاء للحكم الهاشمي والانتماء لكل ذرة تراب في هذا الوطن.
وعلى مدار مئة عام من عمر هذا الوطن الحبيب، أرسل الأردن عددًا من المبادرات الراقية، وصدرها للعالم أجمع، وما تسلّم جلالة سيدنا لجائزة تمبلتون للأديان، وجائزة مصباح السلام في مدينة أسيزي الإيطالية، في فترة ستة أشهر من العام الماضي، الا تكليلٌ للجهود الأردنيّة الراقية، وللجهود الملكية السامية في إعلاء رسالة الدين الإنسانية العالمية، والتواصل بين أتباع الأديان، لا بل الوئام الذي صدّره الأردن وأصبح مصطلحاً عاماً لدى شعوب العالم كله.
ذلك أنه قبل 10 أعوام بالتمام والكمال، وتحديداً في أيلول من عام 2010، وقف جلالة الملك في منبر الأمم المتحدة ودعا إلى تبني أسبوع عالمي للوئام. وهكذا صار، بتوقيع وموافقة من كل الدول المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة، التي يحيي العالم هذا العام 75 عاماً على تأسيسها.
وقبل إصدار «أسبوع الوئام»، كانت هنالك مبادرة «كلمة سواء» بين العالم الإسلامي والكنيسة الكاثوليكية عام 2007، وقد مثّل العالم الإسلامي صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، المستشار الشخصي لجلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية. وفي عام 2004، نشر الاردن «رسالة عمّان» الراقية، وقد أحيينا العام الماضي 15 عاماً على صدورها.
وفي آذار 2002 كان جلالته قد رعا مؤتمر «معاً في سبيل الدفاع عن الأمة» وكان مؤتمراً مسيحياً عربياً للتصدي للتهم الموجهة إلى الدين الإسلامي بعد تصاعد الاتهامات بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وفي عام 2013 رعا جلالة الملك أيضاً مؤتمراً دولياً، تصدّر عناوين الصحف والوكالات العالمية، وهو مؤتمر «التحديات التي تواجه العرب المسيحيين».
وفي عام 2014، وقف جلالة الملك للمرة الثالثة لاستقبال حبر أعظم، قداسة البابا، رأس الكنيسة الكاثوليكية، البابا فرنسيس. وكان في عام 2009 قد ذهب إلى مطار عمان لاستقبال صاحب القداسة البابا بندكتس. وفي عام 2000، وبعد عام من جلوس جلالته على عرشه السامي، استقبل قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، الذي أصبح قديساً.
وفي صيف عام 2014 كان الأردن أول المحتضنين للإخوة المسيحيين المهجرين من الموصل قسراً بسبب الاضطهاد الذي مارسته عصابة داعش الإرهابية، والتي أرادت أن تتستر بالدين، وأن تنطق باسم الدين، ولكن كان الدين منها براء. ولذلك احتضن الأردن الإخوة المسيحيين من الموصل وسائر بلدات سهل نينوى في العراق الشقيق.
واليوم، نحيي السنة العاشرة لأسبوع الوئام بين الأديان، وهو تكليل لكل الجهود الخيرة والنبيلة التي يقودها جلالة الملك، والأسرة الهاشمية، والحكومة الأردنية، ونكمل المسيرة كذلك بوعي الشعب الأردني، ومؤسساته الدينية التربوية والخيرية، ومواقفه العشائرية الإيجابية، موقنين بأن الدين هو عامل وئام لا خصام.
(الرأي)