ضرورة تغيير آليّة التفكير
د. محمد القضاة
25-02-2020 10:01 AM
تنهض الدولة العصريّة بالعلم والتخطيط السليم والتصميم والحزم والرغبة في التغيير، ولا يتم ذلك دون تكاتف الجهود جميعها وضرورة التفكير بعمق ورويّة لإنشاء مجالسَ حقيقيّةٍ تقود مؤسسات الدولة تنفرد بالرأي والمشورة والتقييم ووضع البرامج والخطط كلّ ضمن دائرة اختصاصه لبناء دولة عصريّة، مجالسَ لا تكون صوريّة أو تنفيعيّة، مجالسَ وازنة تقدّم خبراتِها وآراءها ورؤيتها بحكمة وعقلانيّة. وعليه، فإنّ الدول المتقدّمة تنجح برأي علمائها وإبداعاتهم وتنفذ كلَّ ما يطرحونه من أفكار وبرامجَ قيّمة، فهل لنا ان نضع هذا الخيار وَفق تصوّرات الدولة الحديثة؟
وتعالوا لتروا حالَ المؤسسات والوزارات والشركات التي تُدار من خلال مجالس حاكميّة خبيرة؛ حيث توضع الخُطط والأولويات، ويُتابع فيها بجدّ ومسؤوليّة كلّ ما يرفع من سويّتها، وفي المقابل هناك مجالسُ لبعض المؤسسات والشركات والجامعات أدّى دورُها الصوريُّ إلى تراجعها وإعادتها خطواتٍ إلى الوراء. وهنا، نسأل من المسؤول عن تردّي تلك المؤسسات؟ أهِيَ المجالسُ نفسُها، أم أنّ القوانين والأنظمة لا تسعفها في أداء دورها، أم أنّ المصالح تطغى على الأهداف وتؤثّر سلبًا في عمليات الارتقاء والتغيير، أم أنّ سوء اختيار تلك المجالس وعدم تجانس أعضائها وقلّة خبراتهم ومعرفتهم أفضى إلى الخراب وأضاع فرص الإبداع والإنجاز؟
وبعد؛ فما أحوجَنا إلى تغيير آليات التفكير وقراءة منجزات الدول العصريّة في العالم للقياس عليها وأخذ المفيد منها، وهو أمرٌ ضروريّ للتقدّم والمنافسة، وما أحوجَنا إلى رؤية شاملة تنقذ مؤسسات الوطن برمّتها من الترهّل والروتين والضياع والتراجع، خاصّةً أنّ الخبراتِ البشريّةَ المتراكمة في التخصّصات جميعها موجودة، وهي قادرة على التغيير والتقدّم والبناء في الميادين كلِّها. ومعذرة إذا قلنا إنّ مؤسسات وأجهزة وجامعات في دول عربيّة كثيرة بَنَتْها كفاءاتٌ أردنيّة وغدت من أفضل الدول في المنطقة والعالَم، وهؤلاء يتقدّمون وينافسون ونحن إلى الخلف دُر! فماذا نفعل إزاء هذا الوضع الذي يتردّى سنة تلوَ أخرى؟ وهذا ليس جلدًا للذات وإنما الخوف من استمرار حالة التردّي والتراجع، فلنتقي الله في الأردنّ ومؤسساته وأهله وإنسانه، ولنتأمل بعمق الرسائلَ الملكيّة في أثناء زيارة الملك عبدالله إلى الجنوب ووقوفه طويلاً أمام الأسئلة العالقة في التغيير والتطوير للوصول بالأردنّ إلى مصافّ الدول المتقدّمة؛ فهل نقرأ تلكَ الرسائل الملكيّة ونتأمّلها بعمق لتغيير زوايا الرؤية؟
mohamadq2002@yahoo.com
الرأي