قبل حين زرت طبيب قلب معروف لإجراء فحص دوري من باب تطمين النفس بأنني قد أجريت الفحص . كتب لي وصفة طبية جديدة قال إنها علاج جديد مهم , قرأت الوصفة وإذا به قد كتب فيها "راحة بال", سألته ومن أين تصرف! فقال, دبر حالك.
لا أدري هل يمكنني القول بأن لا أحد في هذا الزمان يتمتع براحة بال!, ربما كان الأمر كذلك, فأنا على الأقل, لا ألتقي أحدا إلا ويشكو ويتذمر.
الأغنياء في المال يشكون ويتذمرون, والفقراء كذلك, الأصحاء يشكون والمرضى يشكون, المسؤولون يشكون والمواطنون يشكون, الكبار والصغار والرجال والنساء, جميعا يشكون. وواضح أن قلة راحة البال, هي الجامع المشترك بين الجميع.
إذا كانت الحياة الدنيا قد صارت على هذا النحو من نكد العيش وإضطراب الأحوال, بحيث لم يعد حتى النوم مريحا, ولا مذاق الطعام شهيا, وبالكاد تجد من يضحك من قلبه ضحكا طفوليا حقيقيا , وحتى وإن صدف وضحك قال, شر البلية ما يضحك, ولا حول ولا قوة إلا بالله, فلمن نلجأ إذا كي نهنأ بحياة مطمئنة ونوم مريح وبعد عن النكد والشكوى والتذمر وقلة راحة البال!.
يقول قائل وأنا أصدقه تماما , إن الحل , هو في اللجوء إلى " الله " وحده لا إلى سواه , ففي ذلك زوال كل ضيق ونكد وسم بدن , والظفر بالنقيض حيث السكينة والقناعة وراحة البال الحقيقية التي تغني عن كل ما سواها .
وكيف ذلك ! . يقول صاحبنا , هو بالعودة إليه جل جلاله , والوقوف بين يديه سبحانه في كل حركة وكل سكنة وكل قول وكل عمل , واليقين بأن عظمته التي لا تجارى ولا تدانى وهو خالقها أصلا ,كفيلة بالإجابة إن نحن إتقيناه وخفنا بطشه وعذابه في الدنيا والآخرة , عند الإقدام على معصية تستدعي غضبه جل في عليائه .
ويضيف صاحبنا , فقط , وأيا كان موقعك وعملك وأحوالك , كن على يقين لا حد له , بأن " الله " يراك ويسمعك على طوال الوقت ويعلم ما تظهر وما تخفي, فإن رضي عن قولك وعملك أرضاك وفزت بجنته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم , وإن لم يرض سبحانه وتعالى عن قولك وعملك, فإنتظر سخطه وبطشه في الدنيا ولو بعد حين , وفي الآخرة عند الحساب الذي لا يظلم فيه أحد.
ختاما , لمن جرفتهم الدنيا بعيدا عن مخافة الله وتقواه , ينصحكم صاحبنا بالعودة إلى الله غافر الذنب وقابل التوب مهما كانت ذنوبكم كثيرة , ففي ذلك قطعا راحة البال في الدنيا والآخرة , وماذا تبغون أكثر من ذلك ! , وذلك هو الفوز العظيم . الله تبارك وتعالى من وراء قصدي