إرحموا من بالارض يرحمكم الله في السماء
الدكتور ماجد الشامي
23-02-2020 11:45 AM
وكما أُطلِق عليها صِفة حكومة النهضة، ها هي حكومة عمر الرزاز أخيراً تنهض من سباتها وتسعى "ألآن ألآن وليس غداً" لأن تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاده مما تبقى من مشاعر إنسانية سبيلاً لحفظ ماء الوجه، وذلك من خلال إيعاز دولته السير فورا بإجراءات إنشاء اسواق شعبية مجانية. حيث يأتي هذا ألإيعاز بعد سلسلة من التصرفات الفوضوية والهمجية من قبل رجالات الامانة أو البلديات بحق مواطنين مستضعفين قبلوا بالهم والغم بينما الهم والغم لم يقبلهم.
ويأتي تحرك دولة رئيس الوزراء في الأمتار ألاخيرة، بعدما وكما تتذكرون بأنه لم تجف دماء عربة الرجل المسن الذي أقدم رجال الأمانة على العبث بها وتكسيرها في الصويفية، والتي سبقها القصة المشهورة في عربة أم رامز الغارمة التي هزّت المجتمع الأردني، حتى تسيل دماء الشاب العاصمي أنس الجمرة الذي أقدم على الانتحار سبيلاً للخلاص من الظلم الذي يمارس بين الفينة والأخرى في حق أصحاب البسطات وعربات البيع المتنقلة.
هذه الظاهرة المتزايدة في بسطات وعربات البيع لا بد من الوقوف على مسبباتها بعد أن تقبل المواطن الاردني النظيف التنازل عن ثقافة العيب، مما يستدعي أيضاً من الجهات المسؤولة وحكومة النهضة وضع حد قطعي لنمطية البلطجة التي تمارس بحق العصامين من قبل رجالات الامانة والبلديات كي لا نكون على موعدٍ مع حلقة جديدة من سلسلة حلقات "حكم القوي على الضعيف" مع اختلاف الزمان والمكان.
وفي هذا السياق لقد سبق لي وأن كتبت مقالة تحت عنوان "نداء إلى أصحاب الضمير الإنساني" حيث طالبت فيها تدخل جلالة الملك، من خلال رؤية ملكية، لردع الأمانة من الإساءة للفقراء والمساكين والمسنين واليتامى، ولكن من الواضح اننا في عهد حكومة النهضة، نحن نعيش حالة ربما الفيلم المصري "طباخ الريس" حيث أن رجالات حكومة الرزاز تخفي عن جلالة الملك واقع الحال في المملكة من خلال تطميناتها لجلالته انها تعمل على مدار الساعة من اجل رفع المعاناة عن المواطن الاردني من خلال مجموعة من الحزم الاقتصادية التي تراوح مكانها. فالحزم الاقتصادية لا تجدي نفعاً إن بنيت على عوارض المشكلة، بل علم الاقتصاد لطالما علمنا أن الحلول الإقتصادية تبنى على معرفة مسببات المشكلة. وهذا يضعني في تساؤلات عن إستحقاقية الشهادات الجامعية التي حصل عليها رجالات حكومة النهضة، إن كان مصدرها الجامعات الأمريكية والاوروبية المتميزة كما جاء في سيارتهم الذاتية. ذلك لأنني كحامل شهادة الدكتوراه من إحدى الجامعات الامريكية المتميزة والتي كان لي الشرف أن اتتلمذ على يد البروفوسير إيجور آنسوف، الاب الروحي لعلوم الإدارة الإستراتيجية، فإنني على يقينٌ تام ماذا يعني تَمكُنك من الحصول على تعليمك العالي من إحدى الجامعات المرموقة. ما يضعني في عدةِ تساؤلات إن كانت حكومة النهضة قادرة على القيام بالواجبات الموكولة إليها بأمانه، ربما لأنهم لم يجتهدوا وهم على مقاعد الدراسة في الجامعات الأمريكية أو ربما لأنهم يفهمون أن حلفان القسم تشريف وليس تكليف. وهذا الفشل ينعكس على شكل زيادة معاناة المواطن الاردني في ظل حكومة تلجاء إلى اضعف الحلول الإقتصادية، الا وهو أُسلوب الجباية على حساب الرؤية المستقبلية للنهوض بالاردن إلى برٌ الامان. حتى وصل فيهم الحال إلى زيادة الخناق على أبناء الشعب الاردني في رسالة مفادها " زهقنا تجويعهم دعهم يموتوا" بدلاً من مفهوم "جوعهم ولا تموتهم". وهذه كانت حالة الشاب العصامي أنس الجمرة الذي أقدم على الانتحار وهو يحاول أن يجني قوت أبناءه بالحلال وبما يُرضي الله، من خلال بسطة خضار والذي أقدم موظفوا البلدية على مصادرة الخضرة التي كان يعمل على بيعها، ليمنعوه بهذا التصرف اللا إنساني من ابسط حقوقه الفسيولوجية بالحياة حسب هرم ماسلوا للحاجات والدوافع. وهذا لا يمنع من ان ننصف حكومة النهضة حيث سارع رئيس الوزراء على نعي هذا الشاب العصامي. وهذا ما قاله دولة الرئيس منقول (رحم الله الشاب العصامي أنس الجمرة، فقد حاول أن يجني قوت يومه بعرق جبينه. وتابع: واجبنا مساعدة كل مواطن يسعى إلى إيجاد مصدر رزقه، من خلال تنظيم عمله ودعمه، لا الوقوف في طريقه؛ لذا أوجّه جميع البلديات، من خلال وزارة الإدارة المحلية، إلى استحداث أسواق مجانية أو بأسعار رمزية لأصحاب "البسطات" تمكّن البائعين من العمل دون إغلاق الشوارع وممرات المشاة. وتلتزم الحكومة بتقديم أراضٍ من الخزينة في حال لم تتوفر أراضٍ تابعة للبلدية). وكُلّي أمل ان لا يكون هذا الكلام حبر على ورق. ذلك لأنني وكما ذكرت في مقالتي السابقة منسوخ عنها (ولكي يتعمق الحزن في قلوب الفقراء والمساكين واليتامى والمسنين من أبناء هذا الوطن، وبعد أن استبشروا طاقة فرج في عربات الطعام المتنقلة ليفاجأوا بطرح أمانة عمان الكبرى العربات للمزاودة بالظرف المختوم ل 37 عربة (سيارة) طعام متنقلة، والمعروفة بـ”فود ترك” في 20 موقعا داخل حدود العاصمة. وبهذا الطرح تكون الأمانة مكّنتْ من معهم الأموال للاستحواذ على هذه العربات فقط ليتسنى للفقراء والمساكين واليتامى وربما ليس المسنين للعمل على هذه العربات برواتب هزلية. أين العدالة؟). لذلك أرجوا أن تكون الحلول جذرية لإنهاء مسرحية أصحاب البسطات بشكل نهائي ويجب ان لا تتكرر لتكون فقط في خدمة عمالقة أصحاب البسطات الذين يحتكرون هذه الصنعة. حسبنا الله ونعم الوكيل، والله على الظالمين.