ما بين قطر والاردن اكثر من تشابه واشتباك , فرغم صُغر الجغرافيا الطبيعية الا ان البلدين نجحا في الاشتباك مع القضايا الكبرى وحازا على دور في المساحة السياسية يفوق مساحة الجغرافيا , فالاردن على اشتباك دائم مع القضية الفلسطينية بوصفها قضية داخلية وقطر نجحت بالاشتباك معها ايضا ولكن من حيث ابتعد الاردن , واقصد بالجفاء الاردني مع حركة حماس والاقتراب القطري حد التحالف مع الحركة.
بالعادة لا تنجح الدول الصغرى مساحة , في اثبات الحضور الا من خلال الاشتباك مع القضايا الكبرى وحصد تحالفات اقليمية ودولية تفيض عن حاجة الجغرافيا , وهذا ما فعلته قطر منذ اشتباكها مع الاقليم عبر قناة الجزيرة التي كانت عنوان الاشتباك والتشابك , وهذا ما فرضته القضية الفلسطينية على الاردن ايضا منذ النشأة , فلا مناص ولا خلاص , فنجحت الدولتان في تحقيق هدف الاشتباك لكن بأثمان تأخرت على قطر ودفعها الاردن مبكرا.
جَور الجيرة , او غيرة الجار الاكبر , هي المعاناة الابرز للاردن وقطر على السواء , فالجيرة فرضت على الاردن حصارا يتقلص احيانا ويتمدد احايين , فالاردن بمنفذ واحد ونصف رئة طوال عقود , فهو اما بخير مع دمشق وجفاء مع بغداد او العكس , وحدوده الاربع لم تكن سلسة ومشرعة على مدى عقود طويلة , فهو يدفع ثمن الشقاق والانشقاق بين العاصمتين البعثيتين , ومؤخرا دفع ثمن الخلاف بين قطر وباقي العواصم الخليجية.
اليوم , هناك لقاء اردني – قطري على مستوى القمة , وسط ظروف متشابكة ومتشابهة , فقطر تعاني من حصار الاشقاء والاردن كذلك , مع فوارق طفيفة , فالحصار على الاردن فرضت نصفه ظروف داخلية لعواصم الجوار وفرضت نصفه قوى اقليمية ودولية بالاتجاهين , والحصار على قطر فرضت نصفه ظروف ذاتية لعواصم خليجية وفرضت نصفه الآخر القوى الدولية المستفيدة من الحصار والازمة بشكل عام بعد ارتفاع اسعار النفط والغاز.
والسؤال هل ستنجح القمة في تعظيم نقاط التشابه وتقليص الفوارق , الجواب مرهون بمدى حيوية العلاقة الثنائية وقدرتها على فهم الحساسيات الذاتية لكل عاصمة , فقطر لن تستطيع التخلي عن تحالفها مع جماعة الاخوا المسلمين والحليف التركي , بوصفهما عناصر القوة في الدور القطري الاقليمي , والاردن لن يستطع ادارة الظهر للاشقاء في السعودية والامارات العربية , فهما جزء رئيس من بنيته الاقتصادية والاجتماعية وعلاقة تتعدى حدود المغتربين والدعم اللوجستي والاقتصادي.
اذن المطلوب توظيف الحساسيات الثنائيةلخدمة الحالة العربية والحالة الداخلية لكل بلد , فالدوحة قادرة بما تملك من علاقات مع الاخوان /الجماعة والتركيبة , ان تمنح المجتمعات الداخلية وجبة سلم اهلي باعادة انتاج علاقة بين الاخون والاقطار الغاضبة من الجماعة , والاردن بما يملك من علاقات حيوية مع السعودية والامارات ومصر قادر على ترطيب الاجواء وازالة موجبات الاحتقان والحصار حسب قدرته , فالرغبة بالضرورة متوفرة وسمعنا من الملك مباشرة هذه الرغبة , لكن قاتل الله القدرة التي فرضت ايقاعها على الاردن بشكل قاسٍ . قمة ثنائية في ظرف حساس , لعاصمتين على مقدرة عالية من التأثير في المحيط الحيوي , لكنهما بحاجة الى تعميق العلاقة الثنائية بأكبر من التحالف وأقل من الوحدة بحكم الجغرافيا والجيرة , فكل انفلات للاردن من ضغوطات الجوار واثقال المعيشة للاردنيين في صالح قطر والجوار , مع اشتراط تنسيق الجهود وتوحيد عناصر القوة بين العاصمتين , اهلا بأمير قطر ضيفا عزيزا وشقيقا لا يمكن الاستغناء عنه في عمان عاصمة الوحدة .
(الأنباط)