قبل أكثر من عشرة أعوام، شاركت في دورة عن الحكومة الإلكترونية عقدت لموظفي مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير (كادبي)، وكانت المعلومات تفيد بأننا سنتحول إلى المعاملات الرقمية بحدّ أقصاه ثلاث سنوات منذ ذلك الحين.
الأهم من أننا لم ننجز المشروع في وقته المحدد هو الفرصة التاريخية الضائعة التي لم تجمع خلالها قاعدة البيانات الرئيسية التي تسهل عمل الحكومة الإلكترونية عبر بطاقات هوية الأحوال الجديدة التي سميت بالذكية أيضا، وكان الأصل أن تحوي تلك البطاقات في ثناياها كامل المعلومات التي لا بد من توافرها في السجلات الشخصية كعناوين السكن الموثقة وأرقام الهواتف ومهن وأعمال أصحابها والحسابات البنكية والتأمينات الصحية وغيرها الكثير.
والآن بعد أن أطلقت الحكومة حزمتها الإلكترونية الجديدة أصبح من اللازم التخلص من الوسائل الإلكترونية المنقوصة، فالمواطن الذي يضطر للمراجعة من أجل الحصول على اسم المستخدم والرمز السري أو تغييرها لبعض أنواع الخدمة لن يشعر بسلاسة وإنتاجية الأتمتة بالكامل، فلا بد من معالجة الخدمات التي بقيت تتطلب ذلك وإستبدال تلك الآلية بأخرى إلكترونية بالكامل.
كما أن نقطة إنطلاق الأتمتة تتجلى في إيجاد ملف شخصي لكل مواطن في منصة مركزية تظهر كامل بياناته، ما له وما عليه، بحيث يتلقى عبر الملف كافة الرسائل المتعلقة بمصالحه الشخصية والمالية بما فيها الضرائب والخدمات.
وعن دور الأتمتة في الحد من الفساد، لا ننكر توفيرها للجدار العازل بين الموظف والمواطن، لكن أذرع الفساد لا تعدم الوسيلة أمام سبل الوقاية وخير دليل أننا تراجعنا على المؤشرات الدولية رغم كل التعديلات التشريعية والإجراءات التثقيفية، ما يؤكد أن مكافحته الحقيقية القائمة على العقاب بموضوعية وجسارة هي الأساس، ثم تأتي الأتمتة كجزء مكمل ثانويّ في مجابهة تلك الآفة.
آن الأوان للدفع نحو الأتمتة بكامل طاقتنا فلم يعد وجود كاتب استدعاءات على أبواب المحاكم والدوائر الرسمية مقبولاً في دولة متقدمة من حيث نسب التعليم واستخدام وسائل التقنية والتواصل الاجتماعي.
(الرأي)