يحنّ الناس في أيّامنا هذه إلى أغاني أيّام زمان ، حين كانت أمّ كلثوم تشدو بأعذب الأغاني كل مساء، حيث يتجمّع الشباب اليافعين، والكبار أيضا حول المذياع، يترقبون أغانيها، وما تحمله من كلمات ٍ هادفة وذات مغزى. ناهيك عن الألحان الجميلة، التي تطرب القلوب، وتهزّ المشاعر والعواطف، قبل أن تطرب الآذان.
أمّا عبدالحليم حافظ ، فحدّث ولا حرج، إذ لا زال الشباب ، والكبار إلى الآن يستمعون لأغانيه ، بل ويردّدونها، ومنهم مَن يحاول تقليد صوته وحركاته إلى الآن . وكأنّهم عاشوا ذلك الزمن الجميل .
أتذكّر أنّ شيوخ وعجائز الحيّ ، كانوا ينتظرون أغاني سميرة توفيق ، وخاصّة عندما تشدوا بالأغاني الوطنيّة الأردنيّة ، مثل ( ديرتنا الأردنية ) ، و( أردنّ الكوفيّة الحمرا ) وغيرها ، وكانت التلفزيونات أيامها غير متوفرة لدى النّاس ، فكانوا يتجمّعون في بيت مَن يمتلك تلفازاً ليشاهدوا سميرة ويسمعوا أغانيها .
كانت لدى النّاس ذائقة فنيّة ، وإحساسٌ مُرهف ، وكانت كلمات الأغاني ذات مغزى ، مستمدّة من الواقع المُعاش ، ليست ككلمات بعض الأغاني التي نسمعها في هذه الأيّام ، التي تُعَدّ كلمات جوفاء لا معنى ولا مغزى لها . ويسمّونها أغان ٍ خفيفة طربيّة تناسب العصر – هكذا يتحجّجون .
لذا لابُدّ لنا من العودة بالأغاني إلى طبيعتها الأصيلة ، من حيث انتقاء الكلمات ، واللحن المناسب ، والصوت الذي يؤدّيها على أكمل وجه .