نتنياهو يستميل أصوات العرب
د.محمد المومني
22-02-2020 12:18 AM
بعد أن أمضى سنواته السياسية الأخيرة محذرا من إيران تارة ومن الفلسطينيين العرب في الداخل الإسرائيلي تارة أخرى، يركز نتنياهو الآن على الخطر الإيراني فقط وبالتزامن يحاول جاهدا استمالة الأصوات العربية من مواطني إسرائيل التي أثبتت أنها مهمة ومؤثرة جدا بالتصويت في انتخابات الكنيست. أسلوب التخويف الذي اعتمده نتنياهو من العرب في إسرائيل جاء بنتائج عكسية أفضت لتحفيز هذه الكتلة الاجتماعية والانتخابية الإسرائيلية وتفعيلها سياسيا بعد أن بدأت تشعر بتهديد وجودي لها من قبل سياسات نتنياهو واليمين الإسرائيلي. في الانتخابات قبل الماضية كانت نسبة تصويت الفلسطينيين الإسرائيليين 49 بالمائة لترتفع بالانتخابات الأخيرة وتناهز 60 بالمائة، والتوقعات أن هذه النسبة ستصل
لـ 70 بالمائة في الانتخابات غير المسبوقة القادمة، وهو ما سيضيف مقعدين أو ثلاثة لمقاعد القائمة الموحدة في الكنيست. هذه القوة أجبرت نتنياهو وليكوده ليغزل على خط استمالة هذه الأصوات الانتخابية.
العرب الفلسطينيون في إسرائيل أذكياء جدا متقدمون سياسيا وديمقراطيا على باقي شعوب المنطقة العربية بأميال. يعرفون ماذا يريدون وكيفية الوصول إليه. بدأوا باستقطاب المهمشين من الإسرائيليين سواء كانوا من ديانات أخرى مثل مسيحيي روسيا أو افريقيا الذين قدموا لإسرائيل، أو أخرى ليبرالية جدا ترى في اليمين الإسرائيلي تهديدا لها ولمبادئ العلمانية التي يريدونها هوية لدولتهم الإسرائيلية. القائمة العربية لا تطرح نفسها أنها فلسطينية دخيلة على إسرائيل، بل جزء أصيل من المجتمع الإسرائيلي كفاحها السياسي ضرورة الابقاء على علمانية وتعددية وعدالة إسرائيل لكافة مواطنيها. هذا أمر في غاية الحكمة والذكاء السياسي استقطب النخبة الإسرائيلية وقطاعات من المجتمع، وفوت الفرصة على اليمين الساعي لعزل ونبذ المواطنين العرب والتحشيد ضدهم. إنهم يسيرون على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافهم الوطنية العادلة من خلال اللعب ضمن قواعد العمل واللعب السياسي الإسرائيلي، وسيصبحون – اذا ما استمروا على هذا المنوال – رقما سياسيا صعبا لا يمكن تجاوزه أو تجاهله وسيسعى الجميع لارضائهم واستمالتهم وخطب ودهم.
فلسطينيو إسرائيل سيكونون خط مواجهة حضاريا ساخنا سيحقق ما عجزت عنه كل دول الممانعة والاعتدال بكافة أدواتها التي تستخدمها لإحقاق العدالة للشعب الفلسطيني. هؤلاء لا ينكرون فلسطينيتهم ولا عروبتهم، ولكنهم وعن حكمة وذكاء لا يرون تعارضا بينها وبين كونهم مواطنين إسرائيليين امامهم صراع سياسي طويل لتحقيق العدالة والمساواة. هم يريدون تغيير المجتمع والسياسة الإسرائيلية من داخل إسرائيل فهم يعلمون أنه وبالنظر لموازين القوة السياسية فالعرب والمسلمون لا قبل لهم بإسرائيل ومن خلفها أميركا. طريقهم السياسي هو الاهم والأكثر فعالية والذي سيغير من معادلة النزاع ليعطي للفلسطينيين الإسرائيليين حقوقهم السياسية وحقوق المساواة التي يطالبون بها، ويجعل معادلة العمل السياسي الإسرائيلي تنحو باتجاه مزيد من السلام والتسوية مع الفلسطينيين خارج إسرائيل.(الغد)