في هذه الحياة، لا شيء ثابت وابدي.
لا شيء يبقي كما بدأ
البشر والعلاقات الانسانية والاحلام والامنيات جميعها تتغير، بقدر تغيرنا.
في كل عام نكبر به نتغير- دون ان ندرك ذلك-..و تتغير نظرتنا للحياة وللبشر ولكل ما حولنا.
تتغير مشاعرنا وقدرتنا على التعبير عنها نبتعد عن الصراحة قليلا ونكتفي برؤية كل ما لايروق لنا لنلتزم الصمت في اوقات كثيرة.
نشعر بان ما في اعماقنا لم يعد كما كان سابقا،لم تعد التفاصيل الصغيرة تستوقفنا ولم نعد قادرين على الشعور بالفرح امام اشياء كثيرة كانت تثير بنفوسنا ذاك الاحساس بالفرح
نتغير عاما تلو الاخر لاننا استغرقنا بالحياة... لم نعد نتوقف كثيرا امام الخسارات... خسارات الاصدقاء والاحلام.... خذلان الاخرين لنا... ابتعادهم وعدم قدرتهم على البقاء،لاننا بدانا نؤمن بان من يريدنا ويستوعبنا ويحبنا لا يبحث عن بدائل ولا يبحث عن كل ما يبرر له الابتعاد فنحن من نملك خيارات الابقاء على من نحب والتمسك بهم برغم كل حالاتهم التي لا تروق لنا احيانا،
نتغير عاما تلو الاخر، فلم نعد قادرين على ايجاد تبريرات دائمة لمشاعرنا ومحاولات ابقائنا في دائرة الاخرين مهما احببناهم،دون ان يتمكنوا من فهمنا والابتعاد عن تفاصيل صغيرة كل ما يمكنه ان تفعله ان تزيد مسافات البعد والاغتراب.... فقد اكتفينا من محاولات افهام انفسنا لهم لسنوات طويلة كان الاجدر بهم ان نكون امامهم صفحات بيضاء لا نحتاج لكل هذا التعب ليقرأوا ما يكتب بها.
نتغير عاما تلو الاخر لنكتفي برسائل نبثها لمن احببناهم نسال عن احوالهم ونتفقدهم بين فترة واخرى ليصبح سماع اصواتهم لا يعنينا كثيرا كما كان في السابق وكأننا نزداد قسوة عليهم وعلى انفسنا.
نتغير عاما تلو الاخر لنبحث عن انفسنا نحن في كل ما حولنا.
في وجوه ونفوس احببناها، في لحظات مرت بنا كنا نشعر بالسعادة بها امام لمسة انسانية ممن نحب
امام كلمات حب قيلت فنبحث عن مفرداتها الاخرى ونرددها بيننا وبين انفسنا ونعيش بها امام رائحة الياسمين التي لطالما استوقفتنا وعلقت رائحتها بنا لاننا نراها بذات الجمال والنقاء
نبحث عن انفسنا بسطور رواية العمر.... بمن رحلوا ولا زلنا نحبهم ونفتقدهم ولا نبرر لهم غيابهم
بمن لا يزالون بايامنا ندرك انهم يحبوننا ونعلم جيدا انهم رفقاء الدرب وجمال الروح ووطن القلب
نتغير كثيرا.
..لكن ما قيمة العمر ان تركنا الايام تغيرنا لما لا نريد...؟
تغيرنا لنتوقف عن الشعور بالحياة وبكل ما حولنا وكانها تاخذنا الى مكان اخر ليس لنا ولن نكون عليه في اي يوم مضى؟
تغيرنا لنفقد قدرتنا على الشعور بمن نحب وللبحث عن كل ما يعيد لنا الفرح الاتي من كلمة ومن لمسة انسانية ومن صدق ومن اصرار على ان نفتح ابواب قلوبنا للحياة كي نبقي على الامل حيا لا تغتاله الحياة بكل ما تحمله من قدرة كبيرة على اشعارنا باليأس.
نحن فقط من نمتلك القدرة على ان نضيء شمعة نرفض ان تحترق امام هذا القدر الكبير من التغير الذي يحيط بنا وبسنوات اعمارنا.
نتغير كثيرا ونكبر بقلوبنا ونفوسنا واعمارنا لكن رائحة الياسمين لا تزال حية بانتظار ان نعود من جديد اليها علها تمنحنا خيارات اخرى تحول بيننا وبين الاستغراق بهذا التغير لنستمر ونحن نؤمن بانه لا شيء ابدي ولا شيء يبقي لكن لا زال شيء ما بالقلب وبالروح يتوق لان نحيا بأمل جميل كرائحة الياسمين....
(الرأي)