الجماعات الضاغطة وقوة التأثير
أ.د. اسماعيل الزيود
20-02-2020 10:14 PM
هي وقفة سريعة أو قد نسميها إطلالة نظرية على الجماعات الضاغطة اليوم ودورها الحقيقي في التوجيه والتأثير بصناعة القرار أو في إلغاء القرار الذي لا يتماشى وتطلعاتهم.
فمن السذاجة التسليم بالقول بأن القرارت تمر خصوصاً المهمة دونما وقفة متمحصة ودراسة معمقة من هذه الجماعات للوقوف على مدى تأثيرها والعائد الذي ستتركه إيجابا أو تخلفه سلباً. هنا فلا بد أيضاً من الاعتراف بوجودهم أو بمن يقوم مقامهم ويمثلهم في كافة مؤسسات صناعة القرار وفي المطبخ السياسي فهم حريصون على أن يبقوا على شعرة معاويه إن اصطدموا بالمصالح مع أحد من صناع القرار الرسميين.
إذن هذا هو الإقرار بوجود الجماعات الضاغطة بصورها المختلفة في مفاصل الدولة وكأن القفز عنهم ليس بالمهمة السهلة بل هي مهمة صعبة منهكة هي رحلة مخاض إصدار قرار صعب أو تغييره أو تعديله هم هكذا لا يؤمنوا إلا بما يتوافق ومصالحهم.
إن ما يغفله كثيرون اليوم تلك الحقيقة الواقعة بدور وتأثير جماعات الضغط المختلفة وقدرتها في تحديد التوجهات السياسية والتعمق في توجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتربويه والتي من الصعب جدا إدراك أو حتى الشعور بآثارها بشكل مباشر ومحسوس لأنها تعمل بالفعل وفقا لأجندة دقيقة خفيفة مدروسة تنبع من نهج واضح راسخ لديها فهم يمتلكون خارطة طريق واضحة المعالم حول مايريدون الوصول إليه في الحاضر وتعزيزه للمستقبل فهي تتحرك بأزلامها ورؤسها وبلا شك يدها الخفيفه في كافة العمليات والإجراءات والمفاصل ( Invisible hand).
من هنا فإن هذه الجماعات التي تصنف بأشكال مختلفة فهناك جماعه الضغط السياسي وجماعة الضغط الاقتصادي وجماعة الضغط الاجتماعي وهي مجتمعة ما يهمها ويعينها أولا وآخرا مصالحها ومستقبل هذه المصالح والسعي لنموها وتعزيزها وتعظيمها غير آبهة لأي معنى أو قيمة معنوية أخرى تخص الأرض والوطن والشعب فلديها الاستعداد والعدة الكافية للتحالف ووضع يدها بيد الشيطان في سبيل الحفاظ على مصالحها حاضرا ومستقبلا.
إن هذه الجماعات ترتبط أواصرها بالإضافة لرابط المصالح بالقوى والتوجهات الأيديولوجية والفكرية والروابط الدينية وأي مدرسة أخرى تجمع رؤاهم وتطلعاتهم.
من هنا فإن أي حكومة كانت رحلة أم بقيت مهما بلغت قوتها وقدرتها فلن تقوى بتلك البساطة أن تقلب الطاولة رأسا على عقب في وجه مثل هذه الجماعات البراغماتية النفعية المصلحية المطلقة بل يكمن مداعبتها سياسيا كما ولعبة القط والفار أما تجاوزها فأظنه صعباً.
وبالتالي إن ذلك يقود للحديث عن قدرة هؤلاء المؤثرين وجماعاتهم وأتباعهم في توجيه رسم السياسات على اختلاف أشكالها والتأثير المباشر في أي تشريع أو مشروع يخالف مصالحها لا بل قد بلجأوا أيضا إلى إعاقة المسيرة ووضع العراقيل وصناعة الأفلام وقلب الحقائق وإشاعة روح الفبركة فيه بإشاعات مدروسة بمهنية عالية.
تستخدم جماعات الضغط المختلفة لتحقيق مصالحها سبل متعددة فتلجأ للإعلام بشكله العام وللإعلام الإلكتروني والاجتماعي لصناعة القوة وخلق التأثير والتوجيه وقد تستخدم الشارع أيضا فكل الأسلحة السلمية متاحة أمامها ويمكن أن توظفها لنتيجة واحدة هي مصالحها فقط وليس غيرها أو بعدها، إلا أن ما يجب التركيز عليه بأن هذه الجماعات قد تكون ممأسسة أو قد لا تكون وأنها في كافة أشكالها وصورها لا تسعى إلى أن تخسر أو تخلق حالة عداء من الدولة أبدا بل تعزز العلاقة بالروابط الوشائجية.
بقي أن أؤكد بأن هذا الأردن القوي بقيادته الحكيمة وطن عصي على كل الأيدي الخفيه التي لا ترى إلا مايعنيها ويعني مصالحها الضيقة وتطلعاتها الشيطانية. وأقول بلا شك بأن الأردن بلد ولود بالخيِّرين القابضين على هذا الثرى بجمر اللظى يعنيهم قبل كل شيء أمنه واستقراره ومستقبل أبنائه.