امير دولة قطر في عمّان .. " زيارة مُقدّرةْ " ترحيب رسمي وشعبي
أحمد عبد الباسط الرجوب
20-02-2020 09:52 AM
تأتي زيارة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظة الله الى المملكة الاردنية الهاشمية والتي تبدأ يوم الاحد 23 فبراير / شباط 2020، في أول زيارة من نوعها منذ نهاية مارس / اذار 2014، تلبية لدعوة الملك عبد الله الثاني، وتتويجاً لمسيرة العلاقات الثنائية وتعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين تجاه مختلف القضايا، وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك لما فيه خير ومصلحة الشعبين والبلدين الشقيقين، وفي إطار حرص سموه وأخيه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على دفع العلاقات الممتازة بين البلدين إلى آفاق أكبر لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين.
تعد العلاقات القطرية - الاردنية نموذجاً يحتذى في التعاون والتكامل بين دولتين شقيقتين تجمعهما روابط التاريخ بقدر ما تتجذر بينهما أواصر المحبة والإخاء، وتتمتع العلاقات بين البلدين الشقيقين بالتنسيق الدائم والمستمر في معظم القضايا التي تهم الدول العربية ... تعد هذه الزيارة التاريخية امتداداً للتواصل الدائم بين القائدين سواء تلك اللقاءات الودية أو على هامش المشاركة في المحافل الدولية او العربية أو في زيارات خاصة هذا بخلاف الاتصالات والرسائل الدائمة والمستمرة والتي تعكس بجلاء عمق العلاقات بين البلدين.
في إطار التعاون والتنسيق الثنائي بين البلدين الشقيقين تم انشاء اللجنة الأردنية القطرية المشتركة منذ عشرة سنوات كخطوة نحو تفعيل التعاون القائم بين البلدين وتطويره ليحقق ما تصبو إليه القيادة في البلدين الشقيقين والاتفاق على تنسيق كامل في مختلف المجالات بين البلدين، وتطوير العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والأمنية والمالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والإعلامية وغيرها من المجالات الأخرى التي تقتضيها مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين وبما يعكس عمق وقوة الروابط والأواصر التاريخية بين البلدين الشقيقين، وايضا لوضع العديد من الحلول لأغلب القضايا والموضوعات العالقة بين الدولتين، بما يحقق طموحات الجانبين وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبروتوكولات تتعلق بالتعاون الاستثماري والجمركي وحماية الانتاج الوطني والمنافسة و النقل والزراعة والتعليم والتدريب المهني ، وايضا بحث العديد من الملفات، وفى مقدمتها الملف السياسي والاوضاع الحالية بالمنطقة وضرورة استمرار التعاون والتكامل بين البلدين الشقيقين في ظل التحديات التي تواجه الامة العربية ومنطقة الشرق الاوسط.
اقتصاديا ... فيما يتعلق بالاستثمارات القطرية لا يزال الاردن يطمح في زيادتها في المملكة، وهنا يأمل الاردن ان تصبح دولة قطر في مصاف الدول الاولى في حجم الاستثمارات العربية الموجودة لدينا في الاردن حيث ان هناك بالفعل العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في الاردن، املا ان تكون من نصيب اخواننا القطريين... وفي هذا الاطار فقد أظهرت البيانات الرسمية أن القيمة الإجمالية للاستثمارات القطرية في سوق عمّان المالي حتى نهاية أغسطس / اب 2019 زادت على المليار دولار، تركزت في القطاعات العقارية والمالية والسياحية؛ لتحل ضمن أول خمسة مراكز من حيث إجمالي الجنسيات المستثمرة في هذا السوق...
تنعكس العلاقات المتينة بين دولة قطر والمملكة الاردنية الهاشمية على مجمل العلاقات الشعبية والاقتصادية بين البلدين، وهنا نستذكر التوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظة الله في يونيو / حزيران 2018، بتقديم دولة قطر مساعدات للأردن بقيمة 500 مليون دولار، وتوفير 10 آلاف فرصة عمل للشباب الأردني خطوة من جانب دولة قطر للوقوف الى جانب الأردن في مواجهة الوضع الاقتصادي وبخاصة موضوع البطالة وفي هذا الاطار فقد تم تشكيل لجنة مشتركة قطرية اردنية من وزارتي العمل في البلدين لتتولى متابعة تنفيذ التوجيهات، إلى جانب توفير قاعدة بيانات للتسهيل على الجهات المعنية بدولة قطر في القطاعين الحكومي والخاص اختيار ما يلبي احتياجاتها من الشباب الأردني الراغب في العمل بالدولة وبما يتوافق مع فرص العمل المتوفرة في دولة قطر، والقطاعات المختلفة التي يمكن لها استيعاب الشباب الأردني من الراغبين في العمل بالدولة، مثل قطاعات الصحة والتعليم، والقطاع المالي والتأمين، وقطاع الخدمات والإنشاءات والزراعة والثروة الحيوانية وغيرها...
زيارة سمو أمير دولة قطر إلى الأردن سوف تثمر عن صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، وستعزز بصورة كبيرة جداً خلال المرحلة المقبلة، حيث إن الأردن عرف أصدقاءه الذين يمكن أن يثق بهم في المواقف الحرجة خاصة في ظل اوضاع دول الجوار الملتهبة التي تحيط بالأردن، ومخاوفه فيما يتعلق بصفقة القرن إذا ما تم تطبيقها على ارض الواقع حسبما تهدف إليه الادارة الامريكية الحالية...
سياسيا ... تؤكد الزيارة على الرؤى المتطابقة بين الجانبين القطري والأردني، خاصة فيما يتعلق بصفقة القرن، فهناك توافق بين البلدين عكس بعض الدول العربية التي أعربت عن موافقتها سراً أو علانية على تمرير الصفقة، كما أنها تأتي في مرحلة ملتهبة تمر بها المنطقة، وملفات وأزمات متعددة، حيث ستناقش القضايا التي تشتعل في الدول العربية، سواء في ليبيا أو سوريا أو اليمن أو العراق، والقضية الفلسطينية، المركزية التي تشكل ركيزة أساسية في الرؤى المشتركة بين البلدين ، كما تؤكد الزيارة على أهمية الرسائل التي تحملها، خاصة أن العلاقات القطرية الأردنية شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة تطوراً مهماً ، وكما تتوافق قطر والأردن في عدد من الملفات، وهو ما يعزز فرص استكمال التنسيق والتعاون في مراحل لاحقة بعد الزيارة المنتظرة للشيخ تميم، والتي رحبت بها أصوات رسمية وشعبية وبرلمانية وهو ما يعكس المكانة التي تحظى بها دولة قطر وقيادتها لدى صانع القرار الأردني والشارع...
باحث ومخطط استراتيجي