ينصرف الناس إلى اللُّعَاعَة، إلى اليسير مما هو متاح من الزخرفة والتنميق، وينصرف الطغاة إلى تمكين أعداء الامة من مشروعهم الذي يحمل الموت للتاريخ.
الناس، هنا، وفي كل بلاد الضاد، في هرج ومرج، تنهض كواهلهم بعبء التخطيط، وهم لا يعلمون أن هذا الأمر، سيكتمل قمره آجلا وعاجلا، وأن فلسطين التي تلت الأندلس، قد أرسى التتار قواعد تهويدها، في الحلقة الأولى من مسلسل التصفيات، وأن الأردن، ضفة النهر المقدس الشرقية، على المصلّب من مؤتمراتهم وصفقاتهم، وأن أوان التنفيذ قد حلّ استحقاقه.
على الناس ان يفيقوا من الغفلة، وأن يدركوا أن الصوت العالي لا يصنع شيئا، وكذا لن تفلح العرائض على الفيسبوك ولا المؤتمرات، تلك التي يضرب الخطباء بأرجلهم على أرضياتها، فلا تثير سوى الغبار.
آن أوان ارتقاب القرارات، لا رِفْد ضدها في الشارع ولا في الفضاء المقبب، لا صوت يعلو على الصفقات، لا الضجيج ينحى ليكون درعا وليس بإمكان الصراخ أن يكون بندقية.
الخطب يتعاظم، ومشاريع التصفيات تنتظم على سكة تراجع الفكرة والمبدأ، وقد هيأت لتنفيذها ضروب من أفعال الشياطين، في حروب الإلهاء وفي انصراف الناس إلى ممارسة طقوس التجاهل، وكأن الأمر ليس سوى تَنميق وزخرفة.
لا إنجاز ، في شارعٍ ينتظر الناس قيامته، سوى الصراخ، وسوى الضجيج.
امتلأت الفضاءات بالشتم ومضى العالم من حولنا بالإبل. سئم الناس من الهتافات التي لا تقودنا في الحقيقة سوى لساحات التسكين وميادين الإغفاءات، وما نفع الشتم والصفقات تسير بانتظام وتؤدة.
الامر أكبر من عريضة، وأوسع من فضاء قلق، إنه السعي لنهوض عنقاء آخر، يثب علينا من رماد العنقاء المحترق، فترفع الرايات، ويخلع الناس قماش الوجل.
سيّان، صمت الناس وضجيجهم، الخيول متعبة والآلات التي تنتج المواقف معطّلة، وسيكون فيما سيكون، زمن آخر، فيه يعرف الناس أقدارهم، وفيه ينامون، حيث يسكتهم الجوع عن الحكمة، والطفر عن موجبات الظفر، الخبز عن الكلام، والماء عن التاريخ.
سيكون زمنا آخر، ملؤه التضليل والخداع، وستمضي الأيام كما رسمت طريقها الظلال، نحو أعواد المشانق التي نُصبت للحكمة وللمبدأ وللتاريخ.
سيّان، الغياب والإياب، الظعن والثوى. لن يحدث ذلك فرقا.
ضرب اليد على اليد لتأكيد البيع، منتظم بشكل يسير، هكذا تكون الصفقات. ليس علينا القلق من التطويل، اتسع الخرق على الراتق، في الفكرة وفي الحكمة وفي المبدأ.
هذا زمن الإنتصارات على التاريخ.