لا يحسب على الجهات الرسمية في الدولة حالة الحيرة وارباك الناس المتعلقة بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام ام لا، لكن كل الأقاويل والإشاعات والتسريبات ونفخ بالونات الاختبار تتم من داخل أسوار الدولة اي من جهات وأشخاص يتعاملون بمنطق المصالح الذاتية وليس مع مسار دولة وصورتها، بحيث أصبح مألوفا أن تتحول قصة إجراء الانتخابات او التمديد "حزيرة" أردنية تتكرر في الربع الأخير من عمر كل مجلس نيابي.
رسميا لم يصدر إلا إشارة من جلالة الملك خلال أحد اللقاءات قبل شهور أشار فيها إلى إجراء الانتخابات هذا العام، لكن كل الضخ الذي يتم منذ أسابيع وما يتم طرحه من سيناريوهات تظهر فيه الدولة الأردنية في حالة حيرة وارتباك في تحديد خطواتها القادمة، ويذهب أصحاب مسارات التأجيل إلى تصوير وضعنا وكأننا نخوض حروبا عسكرية أو في حالة عدم استقرار نحتاج معها إلى دخول الدولة حالة حيرة وارتباك في ما يجب فعله، وكأن الاردن لا يمكنه العيش إلا ببقاء الحكومة حتى آخر نفس، أو التمديد لمجلس النواب وإلغاء انتخابات دستورية وتاجيلها عاما او عامين.
أدرك أن غالبية الناس ليست معنية ببقاء المجلس أو إجراء انتخابات او تغيير الحكومة إلا من باب "فش الغل" بالحكومة او المجلس، لكن هنالك صورة للدولة في أذهان مواطنيها يجب ان تحافظ عليها وهي الاستقرار السياسي الذي جزء من مؤشراته المحافظة على المواعيد الدستوري، وأيضا ان لا تظهر الدولة وكأنها حائرة مرتبكة تبحث عن طريقها في المرحلة القادمة، وكذلك هي صورة الدولة خارجيا.
في مراحل سابقة صعبة كانت الدولة تحسم خياراتها لمصلحة خدمة استقرار وقوة الدولة، فالانتخابات النيابية عام 2013 مثلا كانت في أوج الحراك ،وكان بعض رجالات الدولة يدفع باتجاه التأجيل، لكن مؤسسة الحكم حسمت خيارها مبكرا بإجراء الانتخابات لأنها كانت تريد الانتخابات رسالة بأن الدولة قادرة على إجراء انتخابات مهمة رغم مقاطعه الاخوان وسعيهم لافشالها لكن رؤية الدولة كانت ثاقبة، ويومها لم يخذل الاردنييون دولتهم فكانت نسب المشاركه في المحافظات مريحة وايجابية.
وربما علينا ان نتذكر أن لدينا اعرافا سياسية تقوم على حل المجلس قبل الانتخابات تعزيزا للفرص المتساوية للمرشحين، كذلك إجراء الانتخابات ضمن مواعيدها باستثناء تأجيل الانتخابات لكن دون استمرار المجلس حيث كان الدستور يسمح بهذا في عهد حكومة علي ابو الراغب.
مرة أخرى صاحب القرار ليس مسؤولا عن التسريبات وحرب البالونات والسيناريوهات، لكن واجب الدولة ان ترسل رسالة للاردنيين بأنها ليست مرتبكة او حائرة، وأيضا ان توقف من خلال الوضوح صراع البالونات الذي يملأ الأجواء، وأن يشعر الأردني ان الدولة تعرف طريقها في عملية سياسية لم نخترعها هذا العام.