المدونات .. تضييق المساحات الرمادية
عمر كلاب
02-01-2010 06:31 AM
تاتي مدونات السلوك عادة لتغطية او تظليل المساحة الرمادية بين الحقيقة الاخلاقية و الحقيقة القانونية التي بالعادة لا تطال مساحات من الحقائق الاخلاقية و التجني عليها.
فالهدية سلوك اجتماعي مقبول و محبب في العلاقات الاجتماعية و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تهادّوا تحابّوا ) و القصد الهدية الخالية من المصلحة و التي تتم بين الناس لغايات المشاركات الاجتماعية ، فلقد ظلت هدايا الافراح جزءا من الوفر الاقتصادي للمقبلين على الزواج وفتح منزلهم الخاص و كذلك عادة"النقوط"التي تلازم الافراح .
ولتوضيح الفوارق بين الهدية الاجتماعية الخالصة و الهدية مع سبق الاصرار والترصد فقد قال رسول الله عليه افضل الصلاة والتسليم ، "لو جلس احدكم في بيت ابيه اكان يهدي اليه"فالشخصية العامة عليها من الضوابط والاشتراطات ما لا ينطبق على الجالس في بيت ابيه . هذه الفواصل لم تكن مغطاة في القانون و لذلك كان ورودها في مدونة سلوك الوزراء مسالة في غاية الاهمية وتحظى بقبول ورضى الشارع الشعبي فالمدونة حصرت الحد الاعلى للهدية المقبولة من الشخصية العامة بخمسين دينارا و ما زاد عن ذلك فهو حق الدولة او لبيت مال الاردنيين . خطوة الحكومة التالية في مدونة السلوك الذاتي لها حيال الاعلام كما اوضحها وزير الدولة للاتصال و الاعلام تبدو مريحة و قابلة للنفاذ و بالتالي قادرة على انتاج علاقة سوية بين الصحافة و الحكومة خاصة وانه اعترف بان الحكومة هي من بدأت بالتنفيعات وبث سياسة الاسترزاق و لذلك جاءت المدونة لضبط السلوك الحكومي ذاته . راميا الكرة في مرمى الصحافة كي تعيد انتاج علاقتها مع الحكومة بمدونة سلوك ملزمة بمنع الازدواجية الوظيفية رغم الاثر الاقتصادي على بعض الزملاء ، لكن ثمن الاستقلالية و المهنية يجب ان يدفع ، و لا اظن اعلاميا عمل مستشارا ينكر انه فقد الكثير من استقلاليته .
المدونات و حسب المسار الى الان تؤتي ثمارا طيبة و لن نشكك في نوايا الحكومة بانتظار مسلك ثابت يفضي الى تعميق المدونات و لتصبح نظاما ثابتا في العلاقة بين الوظيفة العامة و الصحافة و الهدايا واشياء اخرى .
الدستور