من أين لك هذا .. السؤال المشروع والاجابة الغائبة!
ماهر ابو طير
02-01-2010 06:13 AM
من ملف فساد الى ملف فساد ، فتتوالى الملفات ، الواحد تلو الاخر ، ومايتمناه الناس ان لا تكون هذه مجرد موجة ، وان يتم ارسال كل الرؤوس الى القضاء.
اذا ارادت الحكومة ان تفتح ملفات الفساد ، وهو ماتبدو عليه الصورة حتى الان ، فأن قانون "من اين لك هذا؟"المجمد في الادراج لابد ان يخرج من حالة التجميد ، لان انتظار سقوط رأس هنا او هناك ، عملية طويلة ، وكثرة من الفاسدين ، محترفون ولايمكن ان يسقطوا في خطأ حتى نحاسبهم ، واذا كانت اختلاسات وزارة الزراعة ، والجمعية التعاونية ، واحدى الشركات الكبرى ، والتحقيق في شبهات فساد حول طريقة احالة عروض وعطاءات مصفاة البترول ، كلها تعطي مؤشرات على الجدية في محاربة الفساد ، فانها لا تكفي لعدة اسباب.
ابرز هذه الاسباب هو اعتقاد كثرة ان هذه ملفات فساد صغيرة مقارنة بغيرها ، ممن لم يتضح ، وان هذه الملفات تؤدي دورا يتعلق بالمحاسبة من جهة وارسال رسائل للجميع حول الجدية في محاربة الفساد.السؤال هو...من اين أثري كثيرون في البلد ، خصوصا ممن تولوا مواقع عامة من درجات عامة ، وحين تشاهد بيتا لهذا او مزرعة لذاك او تقرأ معلومات عن ملكيات الاراضي والعقار داخل الاردن وخارجه ، وتسمع عن الحسابات السرية للبعض خارج الاردن ، تعرف
ان هذه الملفات هي التي بحاجة الى ان يتم فتحها حقا.
البعض اذا جمعت مياوماته الحكومية ورواتبه وكل مخصصاته ، ووزعتها على نفسه واسرته وتعليم اولاده ، عبر كل سنين عمله ، لاكتشفت ببساطة ان هناك ملايين الدنانير غير مبررة ، وغير معروفة المصدر.قانون من اين لك هذا لابد ان يرى النور ، وان لايتم الاكتفاء بإبراء الذمة المالية من جانب كثيرين ، لان ابراء الذمة يخبرك بما لدى فلان او فلان ، لكنه لايخبرك من اين اشترى ومن اين بنى ومن اين انفق كل هذه النفقات ، والقانون المؤهل لمثل هذه المهمة هو قانون من اين لك هذا؟.
مؤشرات الحكومة حتى الان في هذا الصدد حسنة ، لكنها غير كافية ، وتعميم رئيس الحكومة حول الهدايا التي تزيد قيمتها عن خمسين دينارا التي طلب من المسؤولين تسليمها الى الامانة العامة لرئاسة الوزراء ، تؤشر على التوجه.مامضى هل مضى؟هذا هو السؤال؟ملكيات الاراضي والعقارات والبيوت التي تكلف الملايين ، وغير ذلك من مشاهد وصور هي الواجب التوقف عندها ، لاننا نعرف فلانا تسلم موقعا وقد امضى حياته فقيرا ، لكنه فجأة يصبح ثريا.لامآخذ قانونية عليه لانه لم يخطئ ، غير ان محاربة الفساد توجب اليوم توجيه السؤال لكل من اثروا ولايوجد تبرير لثرائهم ، حول مصدر ثرواتهم بشكل مباشر وواضح وعلمي وعملي ايضا.
بعض الذين تولوا مواقع دخلوا فقراء وخرجوا فقراء ، ايديهم نظيفة ، وربما غرق بعضهم في الديون ، حتى لانظلم الكل ، ولكننا نتحدث عن اولئك الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب ، وقد كانوا حتى وقت قريب يحلمون بسداد فاتورة الكهرباء فقط.
هل ستخرج الحكومة من مرحلة رسائل التطمينات الى التطبيق الفعلي للشعارات؟قانون من اين لك هذا اختبار لمدى الجدية تجاه محاربة الفساد...أليس كذلك؟.
mtair@addustour.com.jo
الدستور