قال رسولنا الكريم – صلّى الله عليه وسلّم - :" تَبَسُّمُك في وجه أخيك صدقة " ، لا يخفى على جُلِّكم ما للابتسامة من أثر على صاحبها ناهيك عن الأثر الكبير في متلقِّيها ، فهي تُشعر الانسان المقابل لك بالطّمأنينة والأمان ، ولنضرب مثلاً على ذلك يواجه – إن لم يكن كلّنا فمعظمنا – وهو تبسّم الطبيب في وجه المريض ، سواء عند استقباله للمريض ، أو عند رؤيته للفحوصات الطبيّة ، فإذا عبس وتجهّم وجهه ، ترتعد فرائص المريض خوفاً ، ويزداد الطينَ بِلّة ، أمّا إذا نظر للمريض بابتسامة وهو ينقل بصره بين المريض وبين أوراق الفحوصات يشفى المريض من علّته.
للابتسامة قدرة على إثارة هرمون السّعادة للطرفين ؛ المُبتسِم والمُبتَسَم له ، فالمُبتسِم يشعر بالرّضا والسّعادة لأنّه استطاع أن يُدخِل البهجة والسّرور والطمأنينة والرَّاحة للطرف المقابل ، والانسان الذي تبتسم أنت في وجهه يشعر بالطمأنينة والأمان والرّاحة وهي مقوّمات السعادة ، فأنت حين تبتسم في وجه أخيك ، فكأنّك أزلت من حنايا نفسه ما يشعر به من الحزن والكآبة وتستبدلها لديه بمشاعر الحبّ والفرح والطمأنينة ، من هنا عدّ الإسلام الابتسامة معروفاً تُسديه لغيرك ، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :" لا تحقِرَنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلق " فربّما كان الطرف المقابل لك كئيباً حزينا ، لسببٍ يراه عظيماً وأنت تراه تافهاً حقيراً ، فحين تبتسم له ويطمئنّ إليك ويبوح لك بما أهمّه وأغمّه ، فأنت تزيل ما به من همٍّ وغمّ بابتسامتك له التي فتحت لك قلبه وباح بسرِّه الذي أقضّ مضجعه ، وأنت أرشدته وخفّفت عنه ، فحوّلت ما به من همّ إلى سعادة.
ليس المهمّ الكلام ، وإنّما الأهمّ كيف كنت تبدو وأنت تتكلّم ؟ فلغة الجسد أصبحت في أيّامنا هذه علماً إو فنّاً قائماً بذاته يُدرَس ويُدَرَّس ، ومن إشارات لغة الجسد الابتسامة ، التي تفعل فعل السّحر في المتلقّي ، فهو وإن لم يفهم الرسالة التي يريدها المُبتسم فإنّ الشعور الذي تثيره في نفسه سيؤثّر في ردّ فعله دونما إرادةٍ منه ، فهو إن كان غاضباً سيهدأ ، وإن كان حزيناً سيفرح ، وإن كان خائفاً سيطمئنّ ويهدأ روعه ، وخاصّة إن كانت الابتسامة صادقة نابعة من القلب ، ترافقها قسمات الوجه المريحة والمُطَمئِنَة . فأنت حين تبتسم في وجه أحد ، فكأنّك تقول له أنا أحبّك ، وأبغي لك السّعادة ، فارمِ همومك عليّ أشاركك إياها ، أو اطرَحها جانباً وعش سعيداً وابتسم فالحياة هيّنة ، ولا تعطِها أكثر ممّا تستحق . يقول الشاعر :
قال السَّماء كئيبة وتجهّمـــــا قلت ابتسم يكفي التجهُّمُ في السّما
قال الليالي جرّعتني العلقما قلت ابتسم ولئن جرعت العلقمـــا
فلعلّ غيرك إن رآكَ مُرَنِّمــاً ترك الكآبة جانباً وترنَّمــــــــــــــــــا
فأنت حين تبتسم ، ويراك غيرُك مبتسماً ، فكأنّك أرشدته لطريق السّعادة ، أي أنّك تواصَلت معه وحرّكت مشاعره .
يُقال إنّ الإنسان حين يبتسم فإنّه يُحرّك أربع عشرة عضلة فقط ، بينما حين يتجهّم ويعبس فإنّه يُحرّك حوالي سبعين عضلة ، مما يسبّب له الإجهاد والتعب.
ومن الآثار الصحيّة للابتسامة أنها تنظم ضربات القلب ، تحسّن الدورة الدمويّة ، تقي الانسان من النوبات القلبية والسكتات الدماغيّة لأنها تخفّض ضغط الدم ، مما يريح عضلة القلب ويقوّيها ويقلل من سماكتها ، وصدّقوا أو لا تصدّقوا أنّ الابتسامة تساعد حتّى في عمليّة هضم الطعام !
أمّا من الناحية النفسيّة فإنّ للابتسامة دور في إفراز هرمونَي ( الدوبامين و السروتينين ) المسؤولان عن السعادة وتحسين المزاج ، وتقلل من التوتّر والإجهاد ، اللذان يُعدّان العاملان الرئيسان في الأمراض النفسيّة والعصبيّة .
والابتسامة على الصعيد الاجتماعي تجعلك تكتسب ثقة الآخرين ، خاصّة إن كانت الابتسامة صادقة لا زيف فيها ولا مِراء
والابتسامة من - غير ريب – تجذب الآخرين إليك ، فيحبّوك ، وماذا يريد الإنسان غير المحبّة من الله والآخرين ؟؟؟ قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم - : لا تؤمنوا حتّى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ." وبما أنّ الابتسامة تجلب المحبّة ، فهي من علامات الإيمان ، فالله الله في الابتسامة .