حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منتدى التنمية الخليجي
د. عبد الحميد الأنصاري
17-02-2020 01:24 PM
ضمَّ اللقاء الأربعون لمُنتدى التنمية الخليجي بالكويت حول (حقوق الإنسان والمجتمع المدني في دول المجلس) 100 مثقف خليجي، لمُناقشة (6) أوراق عمل: المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في الخليج (د. عبدالله الدرازي) المجتمع المدني العامل بمجال حقوق الإنسان في الخليج (أ.حمزة الحمادي) العمالة المنزلية في الخليج وحقوق الإنسان (د.ريما الصبان) الاستعراض الدوري الشامل ودول المجلس (د. غانم النجار) تعاقد دول المجلس بمعاهدات حقوق الإنسان الأممية (أ.مظفر راشد) بلدان الخليج وتقارير حقوق الإنسان الدولية (أ. سعيد الهاشمي)
كان مدير المشروع لهذه الدورة (دورة المرحوم جاسم مراد) تكريماً لذكراه، المفكر الكويتي المعروف، الدكتور غانم النجار، وهو مجاهد عريق في مجال حقوق الإنسان، كما كانت الأوراق المقدمة، معدة جيداً، والطرح حيوياً، واتسمت المناقشات بالشفافية وتسليط الأضواء على مُختلف الجوانب المثرية لقضية حقوق الإنسان في الخليج .
أهمية علاقة المجتمع المدني بحقوق الإنسان :
يشكل المجتمع المدني (البنية التحتية) لحقوق الإنسان، و(الحاضن) للنظام الديمقراطي و(المصنع) الذي ينتج القيم المدنية، وحيث لا (مجتمع مدني) قوياً فاعلاً، لا(ديمقراطية) ولا (حقوق إنسان) ولا (تنمية مستدامة)
ولعلنا ندرك عمق العلاقة العضوية بين (المجتمع المدني) و (حقوق الإنسان) إذا عرفنا أن (تنظيمات المجتمع المدني) هي المسؤولة عن التنشئة المدنية السياسية المبكرة للمواطن، عبر التنظيم والنادي والنقابة والحزب .
تكمن أهمية القضية، في علاقتها الوثيقة بهذا التساؤل النهضوي الكبير، المطروح على العقل العربي، لأكثر من قرن ونصف :
لماذا لم تترسخ جذور شجرة حقوق الإنسان في التربة العربية، رغم وجود أشكال ديمقراطية، منذ وقت مبكّر من القرن الماضي في دول عربية؟!
هناك عوامل عديدة، أبرزها في تصوري، ضعف (تنظيمات المجتمع المدني) في ترسيخ قيم حقوق الإنسان في التربة الاجتماعية: تربية وثقافة وممارسات: بدءاً بالبيت، فالمدرسة، والجامعة، والنادي، والجمعية، والحزب، فلم تترسخ الممارسة، ولم تغرس شجرة الديمقراطية جذورها في أرض العرب، ولم تنمو نموها الطبيعي لتثمر، كانت شجرة وليدة هشة، لا تقوى على مواجهة رياح الانقلابات العسكرية، التي هبَّت في الخمسينيات، فاقتلعتها.
قد يكون مرد ذلك، إلى أنَّ نخبنا السياسية والثقافية، انشغلوا طويلاً بالسياسي والأيدلوجي، على حساب التربوي (الاجتماعي والثقافي والديني) فراهنوا على(إصلاح النظام السياسي) وداروا في فلكه: ولاءً أو معارضة، انطلاقاً من (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)
أتصور، لو أنَّ نخبنا راهنوا على (إصلاح المجتمع) انطلاقاً من ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فركزوا جهودهم على تحقيق إنجازات تراكمية (ثقافية اجتماعية) على مستوى (تنظيمات المجتمع المدني) لأفرزت في النهاية (تغييرات نوعية سلمية) تقي المجتمع من نوبات العنف التي أجهضت كل الإنجازات الليبرالية النسبية التي تحققت، ولاستطاعت (تنظيمات المجتمع المدني) دعم الشجرة الوليدة وحمايتها من الاقتلاع .
رؤية تقييمية :
التنظيمات المدنية في العالم المتقدم (الحامي الأول) لحقوق الإنسان تجاه حكوماتها، وكشف انتهاكاتها، والمتصدي الأقوى لفساد أجهزتها، فما بال تنظيماتنا المدنية، مشلولة، اليوم، لا تقوم بواجبها، ولا تستنفر للدفاع عن الحقوق تجاه حكوماتها، وكشف انتهاكاتها؟!
كنت أتطلع إلى كشف إسهام تنظيماتنا المدنية، في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وكشف انتهاكاتها، وما هي عوامل الخلل المعوقة لأداء رسالتها الحقوقية، وقد كانت نشطة في الماضي؟ وهل هي اختلالات داخلية ترجع لاختراقات أيدلوجية مُسيسة أو طائفية منغلقة أو قبلية عصبوية أو مصلحية خاصة، أو نتيجة قيود وتدخلات حكومية؟
وفيما عدا ورقة الأستاذ الحمادي الذي قدم ورقة تقييمية جيدة حول عوامل تدني فاعلية المنظمات الحقوقية الخليجية، فإنَّ الأوراق الخمسة، أجادت مُعالجة حقوق الإنسان، ودور الاتفاقات الدولية في تعزيزها ولكن بمعزل عن دورمنظماتنا المدنية، أغفلت دور الداخل .
أخيراً: كان حضوراً متحمساً افتقد مشاركة الآباء المؤسسين.