أولسنا بحاجة إلى ابتداع عيد جديد يسمى "عيد الأمان" بدلا من ذلك الذي يسمونه "عيد الحب" ؟
"الحب" مفهوم واسع وقد يحمل بين طياته عددا من السيناريوهات التي لا تعبر عن ذات الاحتياجات للطرفين، أو قد ينطوي تحت أدراجه جملة من المفاهيم التي تمثل شيئا عند طرف ما، مغايرا تماما لما هو عند الطرف الآخر.
في الحب هناك شيء نعرف عنه ونقبله على مضد، فمهما بلغ صدق العلاقة بين الحبيبين إلا أن علاقتهما لا يمكن أن تخلو من روح المجاملة، التي يكون كلاهما على علم بأن ما حصل هو ليس حقيقيا ومجرد مجاملة، ومع ذلك يكتمان معرفتهما هذه ويمررانها بكامل إرادتهم، مع بقاء خدش بسيط في ذاكرة كل منهما، يبدأ بالتوسع كلما تكررت هذه الحالات وما يشابهها.
للحب قصص وحكايات ومغامرات وطقوس وفلسفات مليئة بكل ما نتمنى، ولكن هيهات أن تدوم الحال في كل واحدة منها، فلا القصة تحتفظ بخاتمتها كما كنا نحب قراءتها، ولا الحكاية تكتمل كما أردنا أن نرويها، ولا المغامرة تسير كما رسمنا طريقها، ولا الطقوس ترتسم كما خططنا لها، ولا الفلسفة تقودنا كما كنا نظنها أو نفهمها، لتجد نفسك فجأة أمام مفترق طرق لا تذكر بدايته، ولست تعلم مكانتك فيه، وليس هو سوى مستقبل نحو ذلك الشيء المجهول المليء بالأمنيات والرغبات فقط.
بينما في المقابل، هناك ما نحتاجه بدلا من الحب، وهو شيء أقوى وأنبل وأكثر طمأنينة، شيء إن شعرت به فلا يمكنك أن تشعر به مع الشخص الخطأ، لا يمكن أن تجامل فيه أو تنجرح، شيء إن لمسته في أحد ما فلا تستطيع إلا أن تظهره، لا يمكنك أن تخفيه، ولا تقوى أن تقسو معه أبدا، شيء ليس فيه تراكمات لخدوش بسيطة أو معقدة، لا انكسار فيه ولا خذلان، شيء إن وجد وجدت الحياة، وإن غاب غابت روح الحياة، هذا الشيء يدعى "الأمان".
مع "الأمان" قد تشعر وكأنك طفل بريء لا يفكر، لا يقرر، لا يخطط، تسير معه في حضن صادق لأحدهم، وقصدت هنا أن أقرنه بالصدق، لأنك لا يمكن أن تشعر بالأمان في حضن أحد ما، ما لم يكن صادقا، وهذا الاحتمال الوحيد الذي قد نفتقده أحيانا في ما يسمى ب "الحب".