في رحاب المخابرات العامة بيوم المتقاعدين العسكريين
اللواء المتقاعد مروان العمد
13-02-2020 09:43 PM
يصادف يوم السبت القادم الموافق الخامس عشر من شهر شباط يوم تكريم متقاعدي القوات المسلحة الاردنية والمحاربيين القدامى ، وبهذا المناسبة العزيزية على قلوبنا تلقينا دعوة من دائرتنا الحبيبة دائرة المخابرات العامة لحضور احتفالها بهذه المناسبة . تلك الدائرة التي قضينا بها ردحاً طويلًا من عمرنا عشنا فيها ومع الأبطال العاملين بها اكثر مما عشنا مع عائلاتنا وأطفالنا نصل الليل بالنهار إذا تطلب امن البلد ذلك . ونخترق الأوكار والمخابئ للإمساك بخفافيش الظلام الذين كانوا يهدفون للمساس بأمن هذا الوطن أو المساس بنظام حكمه الهاشمي . لم يكن يفتت في عضضنا تعب ولا إرهاق . ولم يكن يوقفنا برد ولا حر ، ولا ليل ولا نهار . وكنا جميعاً كالبنيان المرصوص نعمل معاً في حلقات تكمل احداها الأخرى . وقام كل واحد منا بما يتطلبه واجبه إلى ان حان الوقت ان نترجل كالفرسان عن مواقعنا فيها وان نحال على التقاعد وعلى مراحل مختلفة حسب طبيعة الظروف والأحوال . فمنا من ترجل مبكراً ومنا من واصل المسير إلى نهاية الطريق ، ولكن بعد ان تركنا بها من هم قادرين على حمل الأمانة والمسؤولية ومتابعة المسير على هذا الخط ، ومن حافظوا على امن هذا الوطن ومنهم من قدم حياته في سبيل ذلك .
وبالرغم من إحالتنا على التقاعد والتوقف عن التردد اليومي إلى مبناها الا انها ومبناها والعاملين فيها ظلوا في قلوبنا كما بقيت قلوبنا متعلقة بها ، نتابع أخبارها وانجازات فرسانها الأشاوس ونتمنى لو اننا لا زلنا معهم نضع الكتف على الكتف والقدم على القدم لنشكل جميعاً سوراً يحمي حمى هذا الوطن . لكن هذه هي مسيرة الحياة ولا بد ان تسلم الراية من جيل إلى جيل مع بقاء الولاء والانتماء يعمر قلوبنا . الا اننا كنا نفتقد إلى لقاءات تجمعنا نلتقي فيها بمن عاشرنا وزاملنا وتشاركنا معهم شرف الخدمة في هذه الدائرة وخاصة بعد ان بعُدت بيننا المسافات وشغلتنا أمور الحياة .
وقد اعتادت دائرتنا الحبيبة ومنذ سنوات ان تجمعنا في كل عام على افطار رمضاني كنا فيه نلتقي مع اخواننا المتقاعدين ونسعد بهذا اللقاء ولكنه وعلى الأغلب كان يبدأ وينتهي سريعاً كأي افطار رمضاني .
إلى ان جاء يوم امس الأربعاء حيث ذهبنا لتلبية دعوة دائرتنا لنا ، حيث تقاطر متقاعدوها على مر السنين اليها منذ الساعة التاسعة صباحاً في لقاء استمر الى ما بعد الواحدة عصراً . وكم كان هذا اللقاء ممتلأ بالمشاعر الفياضة لأنه جمع عدداً كبيراً من المتقاعدين ممن وصلو لمختلف الرتب وبعضهم كان قد سبقنا بالتقاعد بسنين طويلة وبعضهم بعدنا بسنين طويلة ايضاً ، ولأن هذا اللقاء كان قد تم لتكريمنا فقد كان اجمل وأفضل تكريم يمكن ان يقدم لنا .
لم تكن هنالك جوائز ولا مكافاءات ولا أعطيات بل كان هنالك ما هو اهم من ذلك كله الا وهو شعورنا ان دائرتنا تحتفي بنا وتكرمنا وتجعلنا نشعر اننا لازلنا جزاً من نسيجها . وكانا سعداء بلقاء من غابوا عنا منذ فترة طويلة من الزمن . ولذا فقد تبادلنا القبلات والتحيات غير مكترثين بمحاذير هذه القبلات في هذا الوقت . وقمنا بتبادل الأحاديث والحوارات واستذكار الأيام الخوالي التي لا زالت تعيش في داخلنا . كل ذلك وسط ترحيب وتأهيل وحسن استقبال من كوكبة محترمة من ابناء الدائرة العاملين بها الآن ، ووسط حسن استقبال وترتيب منذ ان وصلنا البوابة الخارجية للدائرة إلى ان وصلنا سرادق اللقاء وحتى مغادرتنا لها .
وقد زاد من بهجتنا بهذا اليوم مشاركة عطوفة مدير الدائرة عطوفة اللواء احمد حسني حاتوقاي به . ذلك الشاب المتقد حماسة ونشاطاً وحيوية ، الباسم الوجه والمحيا والذي بادر الجميع بالسلام عليهم مروراً بمكان جلوسهم فردا فرداً مقبلاً لوجناتهم مرحباً بهم مستمعاً لهم واعداً لهم بالخير بالرغم مما أسره لي من انشغاله بأمور هامة جداً . وبعد ان تحدث احد قدامى المتقاعدين كلمة باسمهم أعلن فيها عن تثمين المتقاعدين لهذه المبادرة الطيبة ومعلناً وقوفهم جميعاً الى جانب الوطن ودعمهم المستمر للعاملين فيها تحدث عطوفة المدير وثمن الدور الذي قام به المتقاعدين ووعد ان تكون أبواب الدائرة وابواب مكتبه مفتوحة أماهم ووعد بالمزيد من اللقاءات بالمستقبل القريب ما بينه وبين المتقاعدين في عدة جلسات لتبادل الرأي والخبرة والمشورة معهم ولإطلاعهم على ما يستجد من أمور .
ثم غادرنا مع عطوفته مكان اللقاء لنلتقي جماعات جماعات مع بعضنا البعض نتبادل التحية والسؤال عن أحوالنا وأخبارنا إلى فترة طويلة من الوقت لنغادر بعدها ونحن ندعوا الله ان يعيد علينا هذه المناسبة العزيزة في الأعوام القادمة ونحن متقاعدي الدائرة والعاملين به بخير وفي خدمة الوطن . وان يحمي الله هذا الوطن واحة أمن وأمان بجهود المخلصين من ابنائه وعلى رأسهم العاملين في قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية الأخرى والمتقاعدين منها وفي ظل حادي الركب وراعي المسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين .