كيف نكتشف ونعزز فضائل أطفالنا ليكونوا أكثر سعادة؟
12-02-2020 07:04 PM
عمون - يعد تعزيز نقاط القوة لدى أطفالك والتأثير على تلك الجوانب التي تشكل تحديا بالنسبة لهم أمرا ضروريا لضمان نموهم بشكل جيد.
ومن المهم ألا نخلط بين نقاط قوة الطفل -التي تشكل جزءا من الشخصية- واهتماماته وتفضيلاته. ونقلت الكاتبة روثيو ماثياس نافارو، في تقرير نشرته صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية، عن مارتا كامبو روان رئيسة علم النفس في مستشفى سانيتاس لا زارزويلا الجامعي أن ذلك "لا يمكن من اكتشاف الفضائل لدى الأطفال فحسب، بل يساعد على تنمية شخصياتهم".
كيف نعرف فضائل أطفالنا؟
بينت عالمة طب النفس السريري سيلفيا ألافا أن "التعرف على الفضائل يكون ببساطة عن طريق مراقبة ما يفعله الطفل، وكيف يتصرف أو الممارسات التي يتوقف عن القيام بها، بهذه الطريقة سيكون لدينا علامات كافية على نقاط القوات لديه". وأشارت إلى أن وقت اللعب يعد اللحظة المثالية لمعرفة ذلك، لأنها تقدم لنا أدلة حول تفضيلاتهم وكيفية إقامتهم لعلاقاتهم الاجتماعية ورؤيتهم لأنفسهم.
وتؤكد الخبيرة كامبو أن تركيز الانتباه على سلوك الطفل يعد تقنية فعالة لاكتشاف نقاط القوة لديه، لافتة إلى أن "هناك وسائل مصممة للأطفال تتيح لك فرصة التعرف على هذه النقاط بشكل منهجي. لهذا، يكمن الحل الأمثل بالذهاب إلى طبيب نفسني خاص بالأطفال، قادر على إجراء تقييم كامل". وعليك فقط الانتباه إلى التفضيلات التي يظهرها الطفل وكفاءته ومواهبه، فضلا عن فسح المجال له لممارسة مجموعة واسعة من الأنشطة.
وينبغي على الوالدين تركيز اهتمامهما على خصوصيات كل طفل؛ لأنها مصدر قيم للمعلومات حول شخصيته وبالتالي، فضائله. تقول الخبيرة ألافا "نعلم أن المثابرة قوة ترتبط ارتباطا وثيقا بالإنجاز. وبالنسبة للآباء، يمكن أن يكون لهذا جانب سلبي، إذ قد يكون الأطفال عنيدين بعض الشيء، لكن هذا يعكس مثابرتهم لتحقيق أهدافهم". وفي الواقع، يمكن أن يكون عناد الطفل خبرا سارا لأنه سيكون لهذه السمة مزايا عديدة عندما يكبر.
يُذكر أن فكرة تدوين مواقف الأطفال في مذكراتك ستكون أداة سهلة وفعالة لاكتشاف فضائلهم. على سبيل المثال، ما الذي يجعل طفلك سعيدا؟ ما هي الأشياء التي تجذب انتباهه فترة أطول؟ هل هو كريم؟ كيف يثبت ذلك؟ ما هي أول عبارة يقولها صباحا وقبل النوم؟
تعزيز نقاط القوة
تمثل نقاط القوة ملخصا للعوامل الوراثية والبيئية. تُكتسب الوراثة منذ الولادة، ولكن البيئية تتأثر بالتربية التي يغرسها الكبار في الصغار باعتبارها جزءا من الشخصية. تقول ألافا "بين صفوف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات، يمكننا ملاحظة نقاط قوة معينة للشخصية، على الرغم من أننا نعلم أن الشخصية سوف تتشكل خلال فترة الطفولة والمراهقة".
وتحديد الأمهات والآباء لفضائل أطفالهم يلعب دورا مهما بشعورهم بمزيد من الطاقة الإيجابية. وتقول كامبو "الرفاه لا يرتبط بالمعافاة من الأمراض فحسب، بل يتمحور أيضا حول اكتشاف وتعزيز نقاط القوة".
وتابعت "من المهم السعي للحصول على الدعم لمواجهة التحديات التي تعترضنا، ولكن من الضروري الاهتمام بالتجارب الإيجابية التي يقوم بها الأطفال والتأكيد على تنمية مهاراتهم بالقدر ذاته. فهذا يغذي احترامهم لذاتهم ويقلل السلوكيات المثيرة للمشاكل".
وقاية الطفل من الكثير من المشاكل السلوكية وتوفير كل الظروف الملائمة لنمو شخصية الطفل تعتبر من مزايا تحديد فضائل الطفل. ولهذا تفضل كامبو تسليط الضوء على نقاط القوة والفضائل لدى الطفل بأقرب وقت ممكن.
وهذا يسهل التعرف على نقاط القوة بالأطفال وتشجيعهم على العمل بها، وينبغي أن يكون أمرا روتينيا في الحياة اليومية للأسرة. وتشير الأبحاث إلى أن نقاط قوة الشخصية لدى الطفل تعمل بمثابة درع يقيه من الكثير من المشاكل.
أكثر من مجرد امتيازات
من المهم عدم الخلط بين نقاط قوة الطفل والامتيازات، حيث تعتبر هذه المفاهيم مرتبطة، لكن لنقاط القوة نطاقا أضيق. إذ تعد الفضائل مشاعر إيجابية تصاحب الطفل عند القيام ببعض الممارسات الملموسة. مثلا، قد يظهر طفلان اهتماما بالحيوانات، ولكن قد يستمتع أحدهما برعايتها، ويقوم الآخر بتدريبها. سيكون لكل منهما مجال الاهتمام ذاته، ولكن نقاط قوة مختلفة.
وبهذا الشأن، قالت كامبو "الطفل سوف يشعر بمزيد من الالتزام حين يدرك أنه قادر بسهولة على أداء المهمة. نود جميعا التحقق من نقاط قوتنا ونميل إلى المشاركة في الأنشطة التي تنطوي على درجة معينة من الصعوبة بالنسبة لنا".
القوة لا تعني الأفضليات
ينبغي أيضا التمييز بين نقاط القوة والأفضليات، أن يكون ابنك جيدًا في الرياضيات فذلك لا يمثل نقطة قوة، ولكنه مرتبط بتفضيلاته التي تميزه عن غيره. من جهتها، قالت الخبيرة ألافا "نقاط القوة تمثل الفضيلة لأنها أكثر ارتباطًا بالشخصية. أما بقية المسائل فهي مرتبطة تماما بنسب الذكاء عند الطفل".
وهنا نتحدث مثلا على مهارات التخطيط والقدرة على التعبير اللفظي والتفكير المنطقي أو التجريدي أو الرياضي. يُشار إلى أن الذكاء لا يرتبط ضرورة بالسعادة ولكن نقاط القوة تعمل على تعزيز الشعور بالرفاه والأريحية.
وتطرقت الكاتبة إلى أنه من الضروري تحديد جميع نقاط القوة والضعف لدى الطفل حتى نكرسها في خدمة مراحل تعليمه. وتختم ألافا بالقول "هناك أطفال يعملون جيدًا في أي نوع من الظروف في حين قد يقع آخرون في فخ الفشل لأنه لم يسلط الضوء على نقاط القوة لديهم".(وكالات)