لا أعرف متى ظهر تعبير " عرس أردني " ولا من ابتدعه ، لكن الأعراس الأردنية والحمد لله كثيرة ، وقد اقترب موسمها ، وحان أوانها ، ولا أقصد الأعراس المعروفة أي الزواج من خطوبة وزفاف ، فقد بات العرس بداية لأحزان وهموم لن تنتهي : ديون وسُلف ، مهور وبيوت وجهاز عرائس وذهب ورحلات وحفلات فنادق وهدايا ، وغير ذلك من أمور لا يستطيع الشاب وأهله منها فكاكا ، فقد أصبحت المتطلبات المالية اللازمة خارج إمكانية الشاب ، بل وأهله أحيانا ، والنتيجة عنوسة أو عروسين مفلسين .يشمل موسم الأعراس الأردني الذي أقصده نتائج امتحانات الثانوية العامة المعروفة بالتوجيهي ، ويا له من عرس أردني ، وسيكون حصول ابن الجار العزيز على التوجيهي ، وفتح الجار " جبهة " من إطلاق نار ، وألعاب نارية ابتهاجاً بما حققه المحروس فهذا عرس أردني ، لأن المحروس حقق فتحا علميا عظيما ، وينسحب الأمر على مواكب حفلات التخرج من الجامعات الذين لا يدركون المأزق القادم . إن من حق الشباب والأهالي أن يفرحوا ، لكن أن يتحول الفرح إلى مصدر لإزعاج عباد الله ، وإقلاق لراحتهم فهو أمر يتناقض وأبسط قواعد السلوك .
وإن جرت انتخابات نيابية أو بلدية فهي عرس أردني ، وكأن إجراء الانتخابات اختراع أردني مسجل عالميا ، ولم يسبقنا إليه أحد من العالمين ، وأن الديموقراطية بدأت وترعرعت في الأردن ، ولا تمارس إلا فيه ، وإلا فما اسم ما تقوم به شعوب وحكومات دول العالم الأخرى من انتخابات واستفتاءات ، حتى لو كانت مزيفة في بعضها ، أو غير مكتملة الشروط في بعضها الآخر ، ألا تمارس شعوب هذه الدول شعائر انتخابية منذ قرون أو عقود ؟ .
لا أرى في نتائج الامتحانات والانتخابات عرسا أردنيا ، لأن حمل شهادة الدراسة الثانوية العامة هذه الأيام أقرب إلى إتمام الصف السادس ابتدائي في الخمسينات من القرن الماضي ، حيث كنا نختم تلاوة القرآن الكريم ، فظهر مصطلح " ختم العلم " ، ولا بد من تحصيل علمي أو فني يلي التوجيهي ، وكليات المجتمع أصبحت منتهية الصلاحية ، والمقعد الجامعي بعيد المنال دون معدل كبير أو واسطة أكبر أو مال وفير .. أتمنى أن يتوفر مقعد جامعي مجاني أو بحكم المجاني ، لكل حاصل على التوجيهي مثل الشقيقة مصر ، عندها يكون العرس أردنيا . وعندما تكون تفرز الانتخابات مجالس بلدية وبرلمانية تسعى لصالح الوطن والمواطن في الدرجة الأولى ، وتغلب مصالح الوطن و المواطن على المصالح الشخصية ، عندها يكون العرس أردنيا .
ولا مجال للحديث بإسهاب عن أعراس أخرى . نسأل الله أن يكون في خلاصنا من جيش العباقرة المستشارين برواتبهم الضخمة عرسا أردنيا ، وفي وقف النزف المالي لسيل الرحلات خارج الوطن بالوظيفة الرسمية دون مبرر حقيقي عرسا أردنيا ، وفي حرصنا على تنظيف ما نخلفه في متنزهاتنا الوطنية عرساً أردنيا ، وفي طمر جميع حفر الطرقات عرساً أردنيا ، وفي عدم قدرة أي مخالف كائنا من كان ، أن ينجو بفعلته عرساً أردنيا ، وفي قدرة أي مواطن أن ينجز معاملاته الرسمية دون حاجة لمعرفة موظف ما ، قريب أو بعيد عرساً أردنيا . ولا مجال لذكر كل الأعراس الأردنية التي نتمنى الاحتفال بها ، فهي أكثر من أن تعد أو تحصى . ولا زالت الأفراح في دياركم العامرة .
haniazizi@yahoo.com