حرق العلم وتجريح الدول ورموزها
د.محمد جميعان
09-02-2020 03:14 PM
شهدنا مؤخرا موجة من احراق اعلام، والدوس عليها، وشتم دول وتجريح قادة ورموز فيها، وجرى ذلك احتجاجا على مجمل احداث كان آخرها ما اطلق عليه "صفقة العصر".
لسنا هنا في معرض التفصيل في وصف ما جرى، ولا ايضا الى الدوافع التي ادت الى ذلك، والتي تراوحت بين هوس الاندفاع التعبيري للاحتجاج، الى دوافع قد يقصد منها الاضرار بمصالح الاردن وعلاقاته الدولية والاقليمية المؤثرة، ناهيك عن الانعكاسات السلبية علينا جميعا، سيما ان بعض هؤلاء على علم ودراية ويدرك تماما ردود فعل سلوكه هذا، مما ياخذنا الى اعتبار هذا السلوك مقصودا منه الحاق الاذى بالاردن وجعله محل استهداف، خدمة لاجندات احسب انها خارجية بامتياز.
فهل يمثل حرق العلم، او الدوس عليه، او اي من مظاهر الاحتقار للعلم، لدولة ما، تعبيرا سليما وصحيح للاحتجاج على مواقف او سياسات ما؟
ان العلم يمثل رمزية عليا لاي دولة ومكوناتها كافة، والتي تعني الارض والانسان والنظام السياسي، وليس الحكومة او الجانب الرسمي فيها وحسب، وبالتالي فالسياسات والمواقف التي يتم الاحتجاج عليها لا علاقة لها بالارض والناس في تلك الدولة، وتنحصر المسؤولية في الجانب الرسمي ومؤسسات الدولة التي تصنع وتصيغ تلك الاحداث والسياسات محل الاحتجاج.
وفي هذا السياق ايضا، والشيء بالشيء يذكر، تلك الشتائم والسباب الذي يجري على دول بعينها، على وسائل التواصل الاجتماعية، من خلال ربطهم بتلك الاحداث، وما يجري من تجريح لرموز تلك الدول بطريقة فجة توصف عادة بالحاقدة، تنعكس سلبا على الدولة ورعاياها، التي يندلق بعضهم بهذا السلوك الاهوج والخاطئ بل والمدمر.
وكذلك تجدر الاشارة الى التجريح الذي يمارسه البعض تجاه شخصيات وازنة تحظى باحترام تلك الدولة، وهؤلاء يشكلون ثقلا وركيزة وذخرا للدولة في حفظ مصالحنا في تلك الدول.
إن رمزية العلم تأخذ بعدا وجدانيا في ضمائر الناس حد التقديس، وكذلك رموز تلك الدول وقادتها يحظون بوقع واحترام في قلوب شعبهم ايضا، والتجريح الذي يتم على هذا النحو، يترتب عليه تعكير صفو العلاقات بين الدول، والذي اصلا تحاسب عليه القوانين، والاخطر انه يشكل احيانا توترا خفيا قد لا يظهر في حينه، الا عبر سياسات مستقبلية ضارة بمصالح الدولة ورعاياها لاحقا.